المحتويات
أولا: مقدمة
يواجه الصحفيون العاملون بالوسائط الإلكترونية مخاطر مهنية وأمنية جسيمة، حيث يمارسون عملهم تحت سوط الترهيب باتهامهم بانتحال صفة صحفي، وهي التهمة التي يمكن توجيهها لكل صحفي يمارس مهنته دون حصوله على عضوية نقابة الصحفيين.
وكان خالد البلشي، نقيب الصحفيين، قد قال في وقت سابق، إن هناك مسارين لمد مظلة الحماية النقابية للزملاء العاملين بالمواقع الإلكترونية، وهما تعديل قانون الصحافة رقم 76 لسنة 1970، أو تفعيل جدول الانتساب، قبل أن يتراجع عن المسار الأول، ويحاول مع بعض أعضاء مجلسه أن يفعل جدول الانتساب.
قررت نقابة الصحفيين، في 12 أكتوبر، تفعيل المادة 12، من قانون النقابة بفتح طلبات القيد بجدول المنتسبين، وتشكيل لجنة لوضع لائحة للقيد بالجدول، وقالت النقابة، في بيانها إن هذا الإجراء يضمن توفير مظلة نقابية لممارسي المهنة الحقيقيين، وحماية النقابة والمهنة من منتحلي الصفة.
أسفر القرار عن انقسام بين أعضاء الجمعية العمومية الذين اعتبر بعضهم القرار حماية لزملائهم من غير النقابيين، بينما اعتبر قطاع غير قليل القرار بابا لنيل غير الصحفيين لعضوية النقابة، وتهديدا للمكتسبات والامتيازات التي تقدمها النقابة لأعضائها.
ولاقى القرار ذات الانقسام من جانب الصحفيين الإلكترونيين، حيث اعتبره قطاع منهم خطوة إيجابية توفر لهم الحماية النقابية، بينما اعتبره قطاع آخر انتقاص من حقهم في العضوية الكاملة.
تقدم هذه الورقة، قراءة لمواد القيد بقانون نقابة الصحفيين، وتفسيرات للمادة 12 المثيرة للجدل، وتحليلا للمواقف المختلفة من تفعيل الانتساب من الصحفيين النقابيين وغير النقابيين، وأعضاء مجلس النقابة الذين تبنوا مواقفا مختلفة من القرار، والرؤية التي طرحها نقيب الصحفيين للقرار، لنخلص برؤية حول مستقبله والإجابة على السؤال "هل الانتساب هو الحل؟!".
ثانيا: قراءة في مواد القيد بقانون نقابة الصحفيين
ينظم قانون نقابة الصحفيين رقم 76 لسنة 1970، والممهور بتوقيع الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، إجراءات انضمام الصحفيين لعضوية النقابة، ونقدم في الفقرات القادمة قراءة لنصوص القيد بالنقابة، لفهم أعمق لسياق أزمة التحاق الصحفيين عموما والصحفيين العاملين بالمواقع الإلكترونية.
يحدد الفصل الثاني من قانون نقابة الصحفيين، في المواد من المادة الرابعة وحتى المادة العشرين، شروط العضوية والقيد في جداول النقابة.
وتنص المادة الرابعة على أن ينشأ في النقابة جدول يشمل أسماء الصحفيين وتلحق به 4 جداول فرعية، وهي:
-جدول الصحفيين المشتغلين
-جدول الصحفيين غير المشتغلين
-جدول الصحفيين المنتسبين
-جدول الصحفيين تحت التمرين.
ومن الجدير بالملاحظة هنا أن القانون أطلق مسمى "جدول الصحفيين المنتسبين" على جدول المنتسبين، وهو ما ينفي ما ادعاه عدد من رافضي قرار تفعيل المادة 12، وادعائهم أن جدول المنتسبين هو لغير الصحفيين.
وتنص تلك المادة من القانون العتيق الصادر في زمن الاتحاد الاشتراكي، والذي لا يرى البعض أن الوقت لتعديله لم يحن بعد، على أن يعهد جدول أسماء الصحفيين والجداول الفرعية إلى لجنة القيد، وتودع اللجنة نسخة من هذه الجداول في الاتحاد الاشتراكي العربي ووزارة الإرشاد القومي.
وتحدد المادة الخامسة من قانون النقابة شروط القيد الصحفي في جدول النقابة والجداول الفرعية، وهي:
-أن يكون صحفيا محترفا غير مالك لصحيفة أو وكالة أنباء تعمل في الجمهورية العربية المتحدة أو شريك في ملكيتها أو مساهم في رأس مالها.
-أن يكون من مواطني الجمهورية العربية المتحدة.
-أن يكون حسن السمعة لم يسبق الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو تقرر شطب اسمه من الجدول الأسباب ماسة بالشرف أو الأمانة.
-أن يكون حاصلا على مؤهل دراسي عال.
وتحدد المادة السادسة، شروط من يعتبر صحفيا مشتغلا، وهي:
-من باشر بصفة أساسية ومنتظمة مهنة الصحافة في صحيفة يومية أو دورية تطبع في الجمهورية العربية المتحدة أو وكالة أنباء مصرية أو أجنبية تعمل فيها، وكان يتقاضي عن ذلك أجرا ثابتا بشرط ألا يباشر مهنة أخرى.
-المحرر المترجم والمحرر المراجع والمحرر الرسام والمحرر المصور والمحرر الخطاط بشرط أن تنطبق عليهم أحكام المادتين الخامسة والسابعة من هذا القانون عند القيد.
-المراسل إذا كان يتقاضى مرتبا ثابتا سواء كان يعمل في الجمهورية العربية المتحدة أو في الخارج بشرط ألا يباشر مهنة أخرى غير إعلامية وتنطبق عليه المادتان الخامسة والسابعة عند القيد.
وتشترط المادة السابعة، على طالب القيد في جدول الصحفيين المشتغلين أن يكون قد أمضى مدة التمرين بغير انقطاع وكان له نشاط صحفي ظاهر خلالها، وأن يرفق بطلب القيد شهادة مفصلة عن نشاطه في الصحيفة أو وكالة الأنباء التي أمضى فيها مدة التمرين.
وتنص المادة الثامنة، على وجوب أن يمضي الصحفي تحت التمرين مدة التمرين في إحدى دور الصحف التي تصدر في الجمهورية العربية المتحدة أو وكالة من وكالات الأنباء التي يعمل فيها ويجوز بترخيص خاص من مجلس النقابة قضاء مدة التمرين في الصحف ووكالات الأنباء في الخارج.
وتلزم المادة التاسعة، الصحفي تحت التمرين أن يبلغ مجلس النقابة عن محل إقامته واسم الصحيفة أو وكالة الأنباء التي التحق للتمرين فيها وعن كل تغيير يحدث في هذه البيانات.
أما المادة العاشرة فتحدد مدة التمرين، وهي سنة لخريجي أقسام الصحافة في الجامعات والمعاهد العليا المعترف بها، وسنتان لخريجي باقي الكليات والمعاهد العليا المعترف بها، وتبدأ مدة التمرين من تاريخ القيد في جدول الصحفيين تحت التمرين، وتحدد اللائحة الداخلية إجراءات القيد تحت التمرين.
وتنص المادة الحادية عشر من القانون، على أن تحتسب من فترة التمرين ما يقضيه العاملون في خدمة الحكومة إذا كانوا يقومون بحكم طبيعة أعمالهم بأعمال صحفية ويحدد وزير الإرشاد القومي بقرار منه الوظائف والأعمال سالفة الذكر وأسماء من يقومون بها.
ثالثا: المادة 12 المثيرة للجدل
قررت نقابة الصحفيين، في 12 أكتوبر، تفعيل المادة 12، من قانون النقابة بفتح طلبات القيد بجدول المنتسبين، وتشكيل لجنة لوضع لائحة للقيد بالجدول، وقالت النقابة، في بيانها إن هذا الإجراء يضمن توفير مظلة نقابية لممارسي المهنة الحقيقيين، وحماية النقابة والمهنة من منتحلي الصفة.
وتنص المادة 12، على أنه استثناءا من أحكام المادة الخامسة (التي تحدد شروط القيد)، على أن للجنة القيد أن تقيد في جدول الصحفيين المنتسبين، كل من:
-الصحفيين العرب في الجمهورية العربية المتحدة الذين يعملون في صحف تصدر فيها أو وكالات أنباء تعمل فيها متى توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة عدا شرط جنسية الجمهورية العربية المتحدة.
-الصحفيين الأجانب المقيمين في الجمهورية العربية المتحدة والذين يعملون في صحف تصدر فيها أو في وكالات أنباء تعمل فيها متى توافرت فيهم الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة عدا شرط جنسية الجمهورية العربية المتحدة.
-الذين يسهمون مباشرة في أعمال الصحافة متى توافرت بالنسبة إليهم الشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة عدا شرط احتراف المهنة.
وكان البند الثالث والذي يتيح انضمام الصحفيين العاملين بوسائط إلكترونية لجدول المنتسبين، هو مثار الجدل الذي اندلع منذ قرار مجلس النقابة بتفعيل المادة 12 من قانون النقابة.
رابعا: كيف استقبل الصحفيون قرار تفعيل المادة 12؟
أثار قرار تفعيل جدول المنتسبين انقساما حادا وجدلا واسعا بين الصحفيين، حيث انقسم أعضاء الجمعية العمومية للنقابة بين مؤيدين ومعارضين للقرار، ومثلهم انقسم الصحفيون العاملون بالمنصات الإلكترونية.
ويرى المؤيدون للقرار من أعضاء الجمعية العمومية وكذلك من الصحفيين الإلكترونيين أن الأخيرين محرومين من الحماية النقابية ويواجهون مخاطر أثناء ممارسة مهنتهم، وأن شروط القيد بجدولي تحت التمرين والمشتغلين غير متوافقة مع واقع الصحافة الحالي، إذ ينظمها قانون صدر قبل ما يقرب من 60 عاما، معتبرين أن جدول الانتساب يوفر بعض الحماية حتى تعديل القانون ليشملهم القيد بجدولي تحت التمرين والمشتغلين.
أما الرافضين للقرار من أعضاء الجمعية العمومية، والذين أحدثوا صدى أوسع، وقاموا بحملة لجمع التوقيعات للمطالبة بعدم فتح باب الانتساب للصحفيين الإلكترونيين، فاعتبروا أن ذلك الإجراء قد يفتح الباب أمام منتحلي الصفة والصحفيين غير المهنيين للانضمام للنقابة.
كما أعرب قطاع غير قليل منهم عن تخوفهم من تأثير زيادة عدد أعضاء النقابة على مكتسباتهم وخصوصا بدل التدريب والتكنولوجيا، وأن زيادة العدد قد تكون مبررا لتوقف الحكومة عن صرف البدل لأعضاء الجمعية العمومية.
ورغم محاولة البعض طمأنة الرافضين بأن الصحفيين المنتسبين لا يحصلون على بدل التكنولوجيا كما لا يحصلون على أي امتيازات تقريبا فهم لا يحصلون على حق الرعاية الاجتماعية والصحية، ولا يتمتعون بالخدمات التي تقدمها النقابة للأعضاء، كما لا يمكنهم المشاركة في انتخابات النقابة بالترشح أو التصويت، إلا أن ذلك لم يهدئ من حدة الرفض الموجه للقرار ومطالبة المجلس بالتركيز على مشكلات أعضاء الجمعية العمومية.
وكان اللافت أيضا أن قطاعا من الصحفيين العاملين بالوسائط الإلكترونية، اعتبروا أن فتح باب الانتساب لضمهم هو انتقاص لحقوقهم وأحد أشكال التمييز ضدهم، خاصة بعد ظهور تفسيرات تدعي أن جدول المنتسبين هو لغير الصحفيين أو للصحفيين غير المهنيين، وطالب هؤلاء بتعديل القانون لفتح الباب لانضمامهم كصحفيين محترفين لجداول النقابة ليحصلوا على كامل حقوقهم باعتبارهم صحفيين مهنيين ومحترفين.
-خامسا: أعضاء المجلس بين متبرئ ومتمسك بتفعيل الانتساب
مع تصاعد ردود الفعل المعارضة لتفعيل المادة 12، من بعض أعضاء الجمعية العمومية، قام عدد من أعضاء المجلس بإعلان عدم موافقتهم على القرار، ومن بينهم دعاء النجار، أيمن عبدالمجيد، جمال عبدالرحيم، ومحمد خراجة.
نشر عضو مجلس نقابة الصحفيين، أيمن عبدالمجيد، مقطع فيديو لإعلان موقفه وتعليقه، بعنوان "الحقائق الغائبة في قضية (المنتسبين) ومخاطرها، ومغالطات الصحفي (الورقي) و(الإلكتروني)"، ليؤكد أن فتح باب الانتساب يفتح ثغرات لاختراق جدول النقابة.
واعتبر عبدالمجيد، أن إعلان فتح باب الانتساب بدعوى حماية حق الصحفيين الذين يعملون في وسائط إلكترونية مغالطة وليس حماية، لأن انضمام الصحفي المحترف للنقابة عبر جدول تحت التمرين ثم المشتغلين يوفر للأعضاء جميع حقوقهم وامتيازاتهم النقابية كالبدل والحق في التصويت.
وأضاف أن باب الانتساب تم تضمينه بالقانون ليشمل الأشخاص الذين لديهم خبرات نادرة ويقدمون إسهامات في العمل الصحفي مثل أساتذة القانون والسياسة من كتاب المقالات الذين يعبرون عن آرائهم بشرط عدم احترافهم المهنة، كما تشمل المادة الصحفيين العرب والأجانب من المحترفين.
وأشار عبد المجيد، إلى أنه لا يمكن حل مشكلة الصحفيين المحترفين بالصحافة الإلكترونية عبر باب الانتساب الذي تم تخصيصه لغير المحترفين، متابعا: "أنت كدة بتهدر حقهم لإنه لا هياخد بدل ولا له اشتراك في مشروع علاج ولا له حق التصويت ولا أي حاجة".
دعاء النجار، العضوة بمجلس النقابة أيضا أعلنت تبرؤها من القرار ورفضها تفعيل جدول الانتساب، وقالت في منشور عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنها أعلنت رفضها فتح باب الانتساب خلال اجتماع مجلس النقابة.
ووصفت دعاء، فتح باب الانتساب، بالحق الذي يراد به باطل، لأنه يفسح المجال لدخلاء على المهنة، مضيفة: "هذه المهنة لها رونقها وشموخها وهيبتها وليست بابًا خلفيًا لكل من هب ودب ولن تكون مهنة من لا مهنة له".
وترى عضوة المجلس، أنه لا داعي للتعجل في إصدار القرار وأن هناك أولويات وقضايا أكثر أهمية وإلحاحًا، مؤكدة أنها لا تقف أمام الزملاء في الصحافة الإلكترونية، شرط قيدهم من خلال المواقع المرخصة والمعتمدة وبشروط النقابة فى القيد.
وطالبت دعاء، بالاستجابة لرغبة الجمعية العمومية، مضيفة: "أحيى انتفاضتها وخوفها على المهنة وهذه ظاهرة إيجابية جدًا، وأخيرًا لو هناك ضرورة للانتساب للنقابة فيكون لأساتذة الجامعات وخاصة المتخصصين في الصحافة والإعلام ولمن يكون وجوده إضافة للمهنة التي أصبحت لا تحتمل المزيد من الأعباء".
أكد محمود كامل، وكيل نقابة الصحفيين، أنه خلال جلسة مجلس النقابة التي تم خلالها تفعيل المادة 12، جرت مناقشات عديدة بين الأعضاء بدأت باعتراضات ومخاوف من الأعضاء أيمن عبد المجيد، وجمال عبد الرحيم، ولكن المناقشات انتهت إلى الاتفاق بشكل واضح وصريح على تفعيل المادة 12.
وأضاف أن البداية التي تم الاتفاق عليها هي وضع لائحة لجدول الانتساب وفق القواعد القانونية والنقابية تتضمن ضوابط صارمة تمنع تسرب منتحلي صفة صحفي، وأن يتم وضعها عبر حوار مع أعضاء الجمعية العمومية على أن يعتمدها مجلس النقابة قبل عرضها على الاجتماع المقبل للجمعية العمومية صاحبة الحق الوحيد في إقرارها من عدمه.
وأعرب كامل، عن تقديره لمخاوف بعض أعضاء الجمعية العمومية، ولكنه أكد أن تطبيق قرار الانتساب وفقًا للائحة منضبطة وصارمة هو الواجب لتفعيل قانون النقابة، وجزء من واجب حماية النقابة، وحماية ممارسي المهنة الحقيقيين من أي انتهاك، وكذلك حماية للجميع من ظاهرة منتحلي الصفة.
وأشار كلمل، إلى أن عدد كبير من الصحفيين ممارسي المهنة الحقيقيين من غير أعضاء النقابة يستحقون القيد بجدول تحت التمرين إلا أن قانون النقابة يَحُول دون التحاقهم بالنقابة نظرًا لأسباب كثيرة تتعلق بنصوص القانون، وبسوق العمل المزري، وأن حقهم في مظلة حماية نقابية واجب على كل صحفي يؤمن بأن الصحافة خُلقت للدفاع عن المجتمع.
ونفى كامل، أن يشكل قرار تفعيل الانتساب أي خطر على تركيبة الجمعية العمومية كما أثار البعض، لأن الملتحقين بجدول الانتساب وفقًا للقانون لن يكونوا أعضاءً بالجمعية العمومية، ولن يكون لهم حق الانتخاب، أو الترشح، ولن يكون لهم الحق في الحصول على بدل التدريب.
مضيفا أن القرار سيوفر حماية نقابية وقانونية لهم حال تعرضهم لأي انتهاك بسبب ممارستهم لمهنة الصحافة، كما سيمكّن النقابة من مساءلتهم حال ورود أي شكاوى من مخالفات تتعلق بالمهنة.
سادسا: نقيب الصحفيين يتمسك بالانتساب بديلا عن تعديل القانون
بعد أيام من الجدل والانتقادات الموجهة لقرار مجلس النقابة بتفعيل المادة 12، وإعلان عدد من أعضاء المجلس تبرؤهم من القرار وانتقاده، نشر خالد البلشي، نقيب الصحفيين توضيحا مطولا للموقف، انصب على طمأنة الجمعية العمومية والتأكيد أن تفعيل القرار لن يتم إلا بموافقتهم، ومعلنا في الوقت ذاته رفضه لمسار تعديل قانون النقابة.
وأكد البلشي، مسؤوليته الكاملة عن قرار مجلس النقابة بتفعيل المادة (12) من قانون النقابة، ووضع لائحة للقيد، مشيرا إلى أنه كان ضمن برنامجه الانتخابي، وأنه يرى ضرورة مد الحماية القانونية لجميع ممارسي المهنة الحقيقيين عبر قواعد صارمة تصيغها الجمعية العمومية لسد الأبواب أمام منتحلي الصفة، والمتاجرين بالعضوية.
ووصف البلشي، الحديث المتداول عن انفراد المجلس بقرار فتح باب الانتساب دون العودة للجمعية العمومية، بأنه تنقصه الدقة، وأن القرار تضمن تفعيل نص المادة الخاصة بالانتساب فقط، وأن المحددات والضوابط لتطبيق النص ستشارك الجمعية العمومية في صياغتها.
مشيرا إلى أن الشق الثاني من القرار هو وضع لائحة للقيد بالجدول لصياغة ضوابط تطبيق القرار "معًا"، وأن هذا الجزء من القرار هو إعلان واضح باستدعاء الجمعية العمومية، لأن مَن يضع اللوائح، ويقرها ويضمن حماية النقابة هي الجمعية العمومية ومجلسها.
وأكد نقيب الصحفيين، أن تفعيل النص كاملًا بفتح باب القيد لن يتم إلا بحضور الجمعية العمومية وموافقتها عليه، ليشمل كل مَن تنطبق عليه هذه اللوائح دون تفرقة بين وسيط، وآخر ورقي، أو إلكتروني، فالكل صحفيون.
ودعا البلشي، الزملاء للحضور لوضع اللائحة وضوابطها، واستكمال نقاشات تطوير لوائح القيد الحالية بما يضمن مد الحماية القانونية لممارسي المهنة الحقيقيين، ووضع جميع الضوابط الصارمة، التي تَحُول بين انضمام منتحلي الصفة.
وعاد البلشي، لطمأنة الجمعية العمومية: "عهدي الذي لا يمكن أن أخل به أنه لن يتم أي شيء إلا بحضوركم، وبمناقشات واسعة داخل المجلس وخارجه، وفي المؤتمر العام، وبإقرار الجمعية العمومية في انعقادها لما يتم الاتفاق عليه".
واعتبر البلشي، أن تفعيل نص المادة هو إعادة فتح للباب الرئيسي للانتساب وتقييد لصلاحيات لجان القيد الاستئنافية بما يضع الأمر تحت رقابة الجمعية العمومية وعبر بوابة قانون النقابة، لحماية زملاء قضوا كثيرًا من سنوات عمرهم خارج الحماية، مع تحديد الجمعية لشروط مَن تسمح بانضمامهم، وبما يمنع منتحلي الصفة، ويمكّن النقابة من ضبط السوق.
علق البلشي، على تعريف الاحتراف في لائحة القيد الحالية ونص المادة 13 من لائحة القيد والتي تنص على: "يقصد بعبارة "صحفي محترف" في المادة (5) من قانون نقابة الصحفيين أن يكون معينًا بموجب عقد عمل غير محدد المدة أو قابل للتجديد تلقائيًّا، وأن يكون مؤمنًا عليه بصفته الصحفية في التأمينات الاجتماعية، وألا يكون عاملًا بجهة أخرى عامة أو خاصة، أو مقيدًا عضوًا مشتغلًا أو ممارسًا بنقابة مهنية أخرى وألا يكون مالكًا أو مساهمًا في ملكية صحيفة أو وكالة أنباء تعمل في مصر، ويقصد بعبارة "مؤهل دراسي عال" الحصول على شهادة جامعية معترف بها من المجلس الأعلى للجامعات".
مؤكدا أن فلسفة نص المادة (12) من القانون تشير بوضوح وجلاء تام إلى أن نية المشرع وقت صدور القانون عام 1970م، انصرفت لمد الحماية النقابية لكل ممارسي المهنة، ولكل مَن لم تصل لهم هذه الحماية على أرض مصر، مهما كانت المعوقات، متجاوزًا عائق الجنسية، فمدها للصحفيين العرب، والأجانب الموجودين داخل مصر، عبر باب الانتساب، حدث ذلك عام 1970م، في وقت كان التعيين والاحتراف عبارة عن تكليف بالتعيين يأتي من الدولة لكل ممارسي المهنة فورًا، فقرر المشرع تقديرًا منه لأهمية مهنة الصحافة، وحماية كل ممارسيها أن يشمل بالحماية حتى الصحفيين الأجانب الموجودين داخل مصر عبر باب الانتساب.
وأضاف النقيب، أن البعض يحاول حرمان صحفيين مصريين من الحماية الجزئية بعد أن حالت بينهم وبين الحماية الكاملة، تطورات تكنولوجية لم يشملها النص القانوني بوضع تفسير عام لمفهوم الاحتراف خالفته تفسيرات القانون المعمول بها والممارسات واللوائح والسوابق النقابية، وحتى الأحكام القضائية.
متسائلا: "هل الانتساب حق للمحترف الأجنبي، بينما هو حرام وغير قانوني على الصحفي المصري لنتركه عرضة للتنكيل، أو بعيدًا عن مظلة النقابة، انتظارًا لتغيير قد لا يأتي، أو يصنعه غيرنا من خلال تعديلات على القانون مهما اجتهدنا في صياغتها فهي عرضة للتلاعب وقد تفتح الباب لهدم ما تبقى لنا من مكاسب".
وقال البلشي، أنه كان يرى أن مدخل تعديل القانون يمكن أن تحميه الجمعية العمومية الحاضرة للدفاع عن نصوصها، حتى جاءت جلسات الاستماع الداخلية، وآراء كبار النقابيين، وتجربة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، فوجد أن الأفضل، والأسلم، والحامي للنقابة هو الاحتماء باللوائح.
مشيرا إلى أنه لا يضمن أحد كيف ستخرج القوانين التي يدفع لها البعض، وأن اللجوء للوائح أفضل حتى يأتي يوم تستعيد فيه النقابة قوتها وقدرتها فتقوم بتغيير ما تحتاجه من النصوص، متابعا: "لا تستسلموا لمَن يجرنا جميعًا ونحن بهذا الحال إلى خارج نقابتنا".
سابعا: خاتمة
رغم ما ساقه نقيب الصحفيين خالد البلشي، من تخوفات لتجنب مسار تعديل القانون العتيق لنقابة الصحفيين، فإننا نعتقد أن المسار الصحيح الوحيد لتوفيق أوضاع الصحفيين العاملين بالمنصات الإلكترونية هو تعديل القانون ومنحهم الحق في الحصول على عضويات كاملة فلا يصح أن يتم التفرقة بين صحفي وآخر بناءا على الوسيط الذي يقدم محتواه من خلاله.
ولا تنبعث قناعتنا تلك فقط من أحقية الصحفيين العاملين بالصحف الإلكترونية بالحماية والحقوق الكاملة، ولكن أيضا لقناعتنا أن المجلس الحالي هو الأقدر على المطالبة والخروج بأفضل نسخة ممكنة من القانون على مستوى ضمانة الحقوق والحريات الصحفية.
كانت أبرز التخوفات التي أشار إليها قطاع غير قليل من أعضاء الجمعية العمومية هو تخوفهم من أن يتسبب زيادة عدد الأعضاء في وقف صرف البدل أو عدم التمكن من زيادته لاحقا بالقدر المرضي.
تطرح تلك التخوفات مسؤولية على مجلس نقابة الصحفيين للقيام بدور في ضبط السوق ودفع المؤسسات بكل السبل الممكنة لتوفير رواتب ملائمة للعاملين، بحيث لا يبقى بدل التدريب بديلا عن الرواتب العادلة.
كشف الجدل الدائر خلال الأيام الماضية، عن صعوبات وتحديات ضخمة تواجه محاولة تفعيل جدول الانتساب، حتى أن النقيب أعرب عن تشككه من إمكانية تمرير القرار.
ورغم قناعتنا أن جدول الانتساب ليس المكان الملائم لصحفيي المنصات الإلكترونية المحترفين، فإننا نشجع على استمرار الدفع في هذا المسار إذا كان الطريق الأوحد الذي قررت النقابة السير فيه لتوفير الحد الأدنى من الحقوق والحماية للصحفيين الإلكترونيين.
المركز الاقليمى للحقوق و الحريات هى مؤسسة قانونية مصرية تأسست وفقا للاحكام القانون فى يناير 2016 على يد مجموعة من نشطاء حقوق الانسان الشباب حيث تضم مجموعة من المحامين و الباحثين و يعملون من اجل الدفاع عن حقوق الانسان فى مصر و الاقليم و الذين يتخذون من مبادئ حقوق الانسان مرجعا و من العمل السلمى منهجا لضمان حرية الفرد و كرامته . يسعى المركز للوصول إلى مجتمع منفتح وعادل يتيح حرية البحث عن المعلومات وخلق الأفكار وتلقيها والتعبير عنها وتبادلها مع الآخرين دون خوف أو تدخل ظالم من الدولة وذلك بتمكين أفراد المجتمع ومساعدتهم في الحصول على حقوقهم والتمتع بحرياتهم بتمثيل احتياجاتهم أمام الجهات المسؤولة والتأكيد على ضرورة الالتزام بحقوق الانسان وسيادة القانون.
روابط سريعة
ابق على اطلاع!