المحتويات
الملخص التنفيذي
مقدمة
الفصل الأول: إطلالة على الحق في تداول المعلومات
الفصل الثاني: الحوار الوطني وقانون تداول المعلومات
الفصل الثالث: التحديات والعقبات
الفصل الرابع: قانون تداول المعلومات بين إيجابيات إصداره وسلبيات عدم الإصدار
الفصل الخامس: المقترحات والتوصيات
خاتمة
الملخص التنفيذي
تسلط هذه الورقة الضوء على أهمية إصدار قانون لتداول المعلومات في مصر، ودوره المحوري في بناء مجتمع ديمقراطي شفاف. تستعرض الورقة التطورات التي شهدها ملف قانون تداول المعلومات، خاصة في ظل الحوار الوطني، وتحلل التحديات والعقبات التي تواجه إصداره، وتقدم مقترحات وتوصيات تساهم في الإسراع بإصدار هذا القانون.
تتطرق الورقة إلى أهمية القانون، حيث أوضحت الورقة أن قانون تداول المعلومات هو أداة أساسية لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وحماية حقوق الإنسان، كما أنه يساهم في زيادة مشاركة المواطنين في صنع القرار وتحسين جودة الخدمات العامة.
واستعرضت الورقة دور الحوار الوطني في مناقشة هذا الملف، والتوصيات التي خرجت به.
كما سلطت الضوء على التحديات التي تواجه إصدار القانون، سواء كانت تشريعية أو مؤسسية أو ثقافية.
وتناولت الورقة الآثار الإيجابية والسلبية لإصدار القانون أو عدمه، مع التركيز على تأثيره على الشفافية، ومكافحة الفساد، وحقوق الإنسان.
قدمت الورقة مجموعة من المقترحات للإسراع بإصدار القانون، وتقترح آليات للضغط على صناع القرار، ودور المجتمع المدني والإعلام في متابعة هذا الملف.
وخرجت الورقة بمجموعة من التوصيات مفادها أن إصدار قانون لتداول المعلومات هو مطلب ملح، وأن هذا القانون سيساهم بشكل كبير في بناء مجتمع ديمقراطي عادل وشفاف. وتدعو الورقة صناع القرار والمجتمع المدني إلى بذل المزيد من الجهود من أجل إصدار هذا القانون وتطبيقه.
المقدمة
الحق في المعرفة وتداول المعلومات هو ركن أساسي في النظم الديمقراطية. والمؤسسات العامة ملزمة بتزويد المواطنين بالمعلومات التي تمكنهم من المشاركة الفعالة في الشأن العام ومراقبة أداء المسؤولين، فالمعلومات ليست حكراً على الحكومة، بل هي حق لكل مواطن، إلا في الحالات التي تستدعيها أسباب أمنية قوية.
إن توافر المعلومات الدقيقة والشاملة للمواطنين هو شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، ويسمح للمواطنين بالمشاركة الفعالة في صنع القرار وتقييم أداء الحكومة.
قانون تداول المعلومات يساهم في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وتحسين كفاءة المؤسسات الحكومية.
في مصر، يواجه المواطنون صعوبة في الوصول إلى معلومات دقيقة وموثوقة بسبب غياب قانون واضح ومنظم لتداول المعلومات. ففي السنوات الأخيرة، زادت عدد القضايا المتعلقة بنشر الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، نتج عنها حبس العديد من الأشخاص.
ومن الضروري التأكيد على أن تطبيق قانون تداول المعلومات على أرض الواقع وتوفير الآليات اللازمة لضمان تنفيذه، لا يقل أهمية عن إصداره نفسه.
وشهدت مصر في الآونة الأخيرة حراكًا سياسيًا تمثل في الحوار الوطني، والذي يهدف إلى مناقشة القضايا الوطنية الملحة وإيجاد حلول توافقية لها. ومن بين القضايا التي حظيت باهتمام كبير في هذا الحوار، قضية إصدار قانون لتداول المعلومات، حيث تم تخصيص جلسات في الحوار الوطني لمناقشة مشروع هذا القانون وكيفية صياغته.. لكنها مازالت حبيسة الأدراج ولم يصدر قانون لحرية تداول المعلومات في مصر، حتى كتابة هذه السطور.
الفصل الأول: إطلالة على الحق في تداول المعلومات
تداول المعلومات مفاهيمياً
تداول المعلومات يشير إلى الحق في الوصول إلى المعلومات التي تحتفظ بها الجهات العامة، ويعتبر هذا الحق جزءًا أساسيًا من حرية التعبير. يُعترف به كحق من حقوق الإنسان، حيث تلتزم الدول التي صدّقت على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بمنح هذا الحق وتعزيزه.
تداول المعلومات اصطلاحياً
في معجم لسان العرب لابن منظور، يُشتق مصطلح "تداول" من الجذر "دَوَلَ"، الذي يحمل معاني متعددة تتعلق بالتناوب والتعاقب.
معاني "دَوَلَ" في لسان العرب:
الدَّوْلَة والدُّوَلَة: تشير إلى التناوب في المال والحرب. يُقال: "كانت لنا عليهم الدَّوْلَة" أي الغلبة في الحرب، و"صار الفيء دُوَلَةً بينهم" أي متداولًا في المال.
الإدالة: تعني الغلبة والنصر. يُقال: "أدالنا الله من عدونا" أي نصرنا عليهم.
التداول: يشير إلى التعاقب والتناوب. يُقال: "تداولنا الأمر" أي أخذناه بالتناوب.
بناءً على هذه المعاني، يمكن فهم "تداول المعلومات" على أنه عملية تناقل وتبادل المعلومات بين الأفراد أو الجهات بشكل متعاقب، مما يسهم في نشر المعرفة وتوزيعها.
قانون تداول المعلومات
إن قانون تداول المعلومات هو تشريع قانوني يهدف إلى تنظيم حق الأفراد والجماعات في الحصول على المعلومات التي تمتلكها الجهات الحكومية والهيئات العامة. هذا الحق يعتبر ركيزة أساسية في أي نظام ديمقراطي، حيث أنه يعزز الشفافية والمساءلة ويسمح للمواطنين بالمشاركة الفعالة في صنع القرار.
ببساطة، قانون تداول المعلومات يحدد الإجراءات التي يجب اتباعها للحصول على المعلومات التي يمكن الحصول عليها، والوقت اللازم لتقديم هذه المعلومات، وكذلك الاستثناءات التي قد تمنع من الكشف عن بعض المعلومات الحساسة.
الحق في المعرفة
في السنوات الأخيرة، تم استخدام قانون الوصول إلى المعلومات أيضًا. ترسخ هذه القوانين عملية قانونية "للحق في المعرفة" يمكن من خلالها تلقي الطلبات المقدمة للحصول على معلومات بحوزة الحكومة، مجانًا أو بأقل تكلفة ممكنة، فيما عدا الاستثناءات المعيارية. يطلق عليها أيضًا اسم السجلات المفتوحة، أو قوانين الشمس المشرقة (في الولايات المتحدة)، عادة ما تكون الحكومات ملزمة بواجب نشر وتعزيز الانفتاح. توجد في العديد من البلدان ضمانات دستورية للحق في الوصول إلى المعلومات، ولكنها لا تستخدم عادةً في حالة عدم وجود تشريعات دعم محددة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الهدف 16 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة هو ضمان وصول العامة إلى المعلومات وحماية الحريات الأساسية كوسيلة لضمان وجود مؤسسات خاضعة للمساءلة وشاملة وعادلة.
ونفذت أكثر من 100 دولة حول العالم شكلًا من أشكال تشريعات حرية تداول المعلومات. كما أن قانون حرية الصحافة السويدي لعام 1766 هو الأقدم في العالم.
الحق في المعرفة أو الحق في الوصول للمعلومات في المواثيق الدولية
نصت المادة 19 على:
"لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية."
نصت المادة 19 (الفقرة 2) على:
"لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين، دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها."
شددت المادة 13 على أهمية الشفافية والوصول إلى المعلومات كأداة لمحاربة الفساد وتعزيز مشاركة الجمهور.
تضمنت هذه المبادئ توجيهات واضحة حول الحق في الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها الدولة، واعتباره قاعدة عامة مع استثناءات محدودة.
قانون تداول المعلومات في الدستور المصري
هناك نصوص دستورية في الدستور المصري تؤكد على حق المواطنين في الحصول على المعلومات. على سبيل المثال، ينص الدستور المصري، مادة (68) علي:
"المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا. وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون".
أهمية الشفافية في التنمية
إن توفير بيئة معلوماتية شفافة يساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية المستدامة. فمن خلال الوصول الحر إلى المعلومات، يمكن للمجتمع تقييم السياسات الحكومية، والمشاركة في صنع القرار، والمساهمة في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. كما أن الشفافية تساهم في مكافحة الفساد وتحسين كفاءة المؤسسات الحكومية.
في مصر، يواجه المواطنون صعوبة في الحصول على المعلومات الدقيقة والموثقة، وذلك بسبب غياب قانون شامل لتداول المعلومات. ففي الوقت الذي تنفي فيه الحكومة الشائعات، تلجأ أجهزة الأمن إلى حجب المعلومات وتوقيف الناشطين. هذا الأمر يثير تساؤلات حول كيفية تمييز المواطن بين الحقيقة والشائعة في ظل غياب الشفافية.
إن غياب قانون لتداول المعلومات يعيق عملية صنع القرار ويؤدي إلى زيادة الشكوك حول المشروعات الحكومية الكبرى. فالمواطنون بحاجة إلى معلومات دقيقة وموثوقة حول هذه المشروعات حتى يتمكنوا من تقييم آثارها على حياتهم وعلى المستقبل.
ومن أهم أدوار البرلمان ضمان حق المواطنين في الحصول على المعلومات، وذلك من خلال بث جلساته وإتاحتها للمواطنين.
قانون تداول المعلومات: مفتاح لمشاركة مجتمعية أوسع
شهد ملف قانون تداول المعلومات في مصر تطورات بعد انعقاد جلسات الحوار الوطني عام 2022. هذه الجلسات التي جمعت مختلف الأطراف المعنية، من الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني، أبرزت أهمية هذا القانون في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وتحقيق التنمية المستدامة، حيث أجمع المشاركون في الحوار الوطني على أهمية إصدار قانون شامل لتداول المعلومات يضمن حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات العامة، ويحدد آليات واضحة للحصول عليها.
وتم التأكيد على أن هذا القانون يمثل ركيزة أساسية لبناء دولة المؤسسات والقانون، ويعزز الثقة بين المواطنين والحكومة.
أهداف قانون تداول المعلومات
o يساهم القانون في زيادة الشفافية في عمل المؤسسات الحكومية، مما يقلل من فرص الفساد.
o يساعد القانون على كشف الفساد ومحاسبة الفاسدين.
o يساهم القانون في بناء الثقة بين المواطنين والحكومة من خلال توفير المعلومات اللازمة للمواطنين لاتخاذ قرارات مستنيرة.
o يعتبر القانون أحد أهم ركائز التنمية المستدامة، حيث أنه يوفر المعلومات اللازمة للمواطنين للمشاركة في عملية التنمية.
وبالرغم من التوافق على الأهمية العامة للقانون، إلا أن هناك بعض النقاط التي لا تزال محل خلاف، مثل:
· نطاق المعلومات التي يشملها القانون: هل يشمل جميع المعلومات الحكومية أم هناك استثناءات؟
· الإجراءات التي يجب اتباعها للحصول على المعلومات: هل تكون إلكترونية أم ورقية؟ وما هي الرسوم المطلوبة؟
· الجزاءات المقررة في حالة عدم الامتثال للقانون: ما هي الجهات المسؤولة عن تنفيذ القانون ومحاسبة المخالفين؟
وقد ساهمت جلسات الحوار الوطني في زيادة الوعي العام بأهمية قانون تداول المعلومات، ودور المواطنين في المطالبة به.
وأصبحت هناك حملات توعية واسعة النطاق تهدف إلى تعريف المواطنين بحقوقهم في الحصول على المعلومات وكيفية ممارستها.
كما مارس المجتمع المدني ضغوطًا مستمرة على الحكومة والبرلمان لإصدار قانون شامل لتداول المعلومات في أقرب وقت ممكن، حيث نظمت العديد من المنظمات الحقوقية والمدنية حملات للتوعية والتعبئة للمطالبة بهذا الحق.
إن قانون تداول المعلومات هو أداة أساسية لبناء مجتمع ديمقراطي شفاف. ووجود هذا القانون وتطبيقه الفعال يساهم في تعزيز الثقة بين المواطنين والحكومة ويوسع من المشاركة المجتمعية في صنع القرار.
الفصل الثاني: الحوار الوطني وقانون تداول المعلومات
الحوار الوطني وتوصياته بشأن قانون تداول المعلومات:
كانت أبرز التوصيات التي خرج بها الحوار الوطني بشأن قانون تداول المعلومات، هي:
كما أوصى الكاتب الصحفي محمود بسيوني، رئيس تحرير "أخبار اليوم" ورئيس لجنة الشكاوى بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، خلال إحدى جلسات الحوار الوطني، بإضافة مادة إلى قانون الإجراءات الجنائية تنص على منع الحبس الاحتياطي في قضايا النشر، تنفيذًا لنص المادة 71 من الدستور المصري التي تمنع توقيع عقوبة سالبة للحرية في مثل هذه القضايا.
- إصدار تعديلات تشريعية، ومعالجة القصور في النصوص العقابية المتعلقة بالجرائم الإلكترونية، من خلال إضافة مواد جديدة لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
- إنشاء إدارة مستقلة لمكافحة جرائم الابتزاز الإلكتروني، حيث تتبع الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، بهدف تعزيز الجهود في مواجهة هذا النوع من الجرائم.
الفصل الثالث: التحديات والعقبات
أين وصل مشروع قانون تداول المعلومات؟
على الرغم من هذه الجهود، حيث تعمل العديد من المنظمات الحقوقية والمدنية في مصر على الضغط من أجل إقرار قانون شامل لحرية تداول المعلومات، وتقديم المقترحات والرؤى حول هذا القانون، فلم يتم حتى الآن إقرار قانون رسمي لحرية تداول المعلومات في مصر.
في أعقاب ثورة 25 يناير شهدت مصر محاولات عدة لإعداد قانون تداول المعلومات، كما يلي:
2011: أعد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء مسودة قانون تداول المعلومات، بعد اجتماعات مع مجموعة من منظمات المجتمع المدني والأكاديميين والصحفيين. ونظرًا لبعض النقاط الخلافية، لم يتبنى أي طرف هذه المسودة.
2012: أعلنت مؤسسة حرية الفكر والتعبير والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية وخبراء عن الانتهاء من مسودة قانون لتداول المعلومات. وفي نفس العام، أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن انتهائها من العمل على مسودة قانون تداول المعلومات. وقبل أن يناقش مجلس الشعب هذه المشروعات، تم حله في يونيو 2012.
2013: أصدرت وزارة العدل مسودة لقانون تداول المعلومات في مايو 2013، دون الأخذ بملاحظات المجتمع المدني، رغم دعوة الوزارة لممثلي المنظمات وخبراء إلى حوار بهدف تطوير مسودة القانون التي تعمل عليها.
2015: أعلنت لجنة الإصلاح التشريعي التي شكلها الرئيس عبد الفتاح السيسي أنها تعمل على إعداد مسودة قانون لتداول المعلومات، ولكن لم ينتج عن ذلك الجهد الوصول إلى مسودة.
2016: قدم النائب السابق محمد أنور السادات مشروع قانون لتداول المعلومات إلى مجلس النواب. ولكن لم يناقش المجلس هذا المشروع حتى انتهاء ولايته.
2017: انتهت اللجنة المشكلة من قبل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من إعداد مشروع قانون تداول المعلومات، وأرسل رئيس المجلس المشروع إلى رئيس مجلس الوزراء ومجلس النواب. ولم يناقش المشروع في أي منهما.
في سبتمبر 2021، أطلق الرئيس السيسي الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، حيث تطرقت الاستراتيجية في المحور الأول، النقطة الخامسة
"حرية التعبير"، إلى إصدار قانون لتنظيم حق الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات الرسمية وتداولها.
تحديات تواجه عملية إقرار هذا القانون، منها:
التعارض مع بعض القوانين الحالية: قد يتعارض مشروع القانون مع بعض القوانين القائمة، مما يتطلب إجراء تعديلات واسعة.
القلق من استغلاله: هناك مخاوف من أن يتم استغلال هذا القانون في نشر معلومات كاذبة أو الإساءة إلى الأفراد والمؤسسات.
الاعتبارات الأمنية: قد يتم تقييد حرية تداول بعض المعلومات بدعوى حماية الأمن القومي.
التحديات الثقافية: أحد أبرز هذه التحديات هو تغيير الثقافة السائدة حول حق الوصول إلى المعلومات.
فالثقافة السائدة غالبًا ما تتميز بـ:
o اعتبار المعلومات الحكومية ملكية خاصة.
o اعتقاد أن نشر المعلومات قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار.
o شك المواطنين في قدرة الحكومة على إدارة المعلومات.
o عدم معرفة المواطنين بحقهم في الحصول على المعلومات.
o بسبب العادات والتقاليد والخوف من المجهول والمصالح الشخصية.
o صعوبة تغيير النظرة إلى السلطة، بسبب تقديس السلطة والخوف من الانتقام.
o نقص الوعي بأهمية الشفافية: عدم إدراك فوائد الشفافية وصعوبة الوصول إلى المعلومات.
o عدم وجود ثقافة المشاركة: الخوف من المشاركة وعدم الثقة في المؤسسات.
لماذا تأخر إقرار القانون؟
هناك عدة أسباب محتملة لتأخر إقرار قانون تداول المعلومات في مصر، منها:
الأولويات السياسية: قد تكون هناك أولويات أخرى تعتبر أكثر أهمية بالنسبة للحكومة في الوقت الحالي.
وقد تخشى الحكومات من أن يؤدي إقرار مثل هذا القانون إلى فقدانها لسيطرتها على تدفق المعلومات وتقويض سلطتها، بالإضافة إلى تتضارب مصالح بعض الجهات القوية مع مبدأ الشفافية، مما يدفعها إلى عرقلة إقرار القانون، كما يخشى البعض أن يؤدي نشر المعلومات إلى زعزعة الاستقرار أو إثارة الفتن.
الخلافات حول بعض المواد: قد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر حول بعض المواد والقضايا المطروحة في مشروع القانون.
ومن الأسباب القانونية والتقنية، فقد يتعارض مشروع القانون مع قوانين أخرى قائمة، مما يستدعي إجراء تعديلات واسعة.
كما أنه من الصعب تحديد النطاق الدقيق للمعلومات التي يجب أن تكون متاحة للجمهور.
وقد يتم تقييد حرية تداول بعض المعلومات بدعوى حماية الأمن القومي، فضلاً عن تزايد التهديدات الإلكترونية، قد تكون هناك مخاوف بشأن حماية المعلومات من الاختراق.
الضغوط الدولية: قد تلعب الضغوط الدولية دورًا في تسريع أو إبطاء عملية إقرار القانون.
إن غياب قانون واضح لحرية تداول المعلومات يعني أن الحصول على المعلومات الحكومية لا يزال عملية معقدة وصعبة، مما يحد من قدرة المواطنين على المشاركة في صنع القرار ومراقبة أداء الحكومة.
أسباب اقتصادية:
قد يخشى البعض أن يؤدي نشر بعض المعلومات الحساسة إلى الإضرار بالاقتصاد.
الفصل الرابع: قانون تداول المعلومات بين إيجابيات إصداره وسلبيات عدم الإصدار
إن إصدار قانون لتداول المعلومات له آثار إيجابية كبيرة، سواء على مستوى الأفراد أو المجتمع ككل، ولتحقيق مجتمع أكثر شفافية ومساءلة.
قد يساهم القانون في الحد من الفساد من خلال إتاحة المعلومات حول القرارات الحكومية والإجراءات المتخذة، مما يجعل من الصعب على المسؤولين ارتكاب مخالفات.
كما يؤدي نشر المعلومات حول عمل المؤسسات الحكومية إلى زيادة ثقة المواطنين بها، وتعزيز شعورهم بالمشاركة في صنع القرار، من خلال توفير المعلومات الكافية للمواطنين حول الخدمات الحكومية، فيمكنهم متابعة أداء هذه الخدمات ومطالبة الجهات المسؤولة بتحسينها، فالقانون يمنح الإعلاميين والصحفيين أدوات للوصول لمصادر دقيقة، بدل الاعتماد على مصادر غير موثوقة.
ويشجع قانون تداول المعلومات على الحوار العام البناء حول القضايا العامة، مما يساهم في تطوير المجتمع، وحماية حقوق الإنسان، من خلال توفير المعلومات اللازمة للمواطنين للدفاع عن حقوقهم، وتعزيز الابتكار والإبداع، حيث يمكن للباحثين الوصول إلى كم هائل من البيانات والمعلومات، وإجراء البحوث العلمية والابتكار.
ويوفر القانون بيئة أعمال أكثر شفافية، مما يجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويساهم في النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى تحقيق التنمية المستدامة.
كما يساهم القانون في تطوير التكنولوجيا من خلال توفير البيانات اللازمة لتطوير تطبيقات جديدة.
إن وجود قانون لتداول المعلومات ليس رفاهية، بل هو حق أساسي يخدم الأفراد ويعزز التطور في المجتمع.
لذا؛ عدم إصدار قانون لتداول المعلومات له آثار سلبية عميقة ومؤثرة على مختلف جوانب الحياة المجتمعية والسياسية والاقتصادية، فمجتمعيا، يحرم المواطنين من حقهم في الحصول على المعلومات اللازمة للمشاركة الفعالة في صنع القرار، مما يؤدي إلى تراجع مستوى المشاركة المجتمعية.
ويجعل من الصعب على المواطنين مراقبة أداء الحكومات ومحاسبتها، مما يشجع على الفساد وسوء الإدارة، كما يؤدي إلى زيادة الشكوك والاتهامات المتبادلة بين الحكومة والمواطنين، مما يعمق الفجوة بينهما ويؤثر على الثقة المتبادلة.
وعلى مستوى الإعلام والصحافة، فيحد من قدرة الصحفيين على الوصول إلى المعلومات وتقديمها للمواطنين، مما يضعف دور الإعلام في كشف الحقائق وتدقيق المعلومات وكشف الفساد، مما ينتج عنه انتشار الشائعات والأخبار الزائفة بسرعة، مما يؤثر على الرأي العام ويؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة.
كما يؤثر عدم إصدار قانون تداول المعلومات على مستوى الاقتصاد، حيث يقلل من جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث أن الشفافية في المعلومات المالية والاقتصادية تعد عاملاً أساسياً لجذب المستثمرين، ويزيد من فرص انتشار الفساد والمحسوبية، مما يؤثر سلباً على المناخ الاستثماري ويؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
الفصل الخامس: المقترحات والتوصيات
إن إصدار قانون شامل وعادل لتداول المعلومات يعد مطلباً ملحاً في مصر، فحق الوصول إلى المعلومات حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، ويضمن الدستور المصري حماية هذا الحق.
وهذه الضرورة تنبع من مجموعة من الأسباب والأهداف كـ تعزيز الشفافية والمساءلة، ومكافحة الفساد، وزيادة ثقة المواطنين في المؤسسات، وتحسين جودة الخدمات العامة المقدمة للشعب، وتمكين المجتمع المدني والمشاركة في صنع القرار، وتقديم الآراء والمقترحات بناءً على المعلومات المتاحة، فضلاً عن تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز السياسات الحكومية وتحقيق التنمية المستدامة، وتشجيع البحث العلمي، والتطوير التكنولوجي.
وتشمل المقترحات:
إن الضغط على صناع القرار لإصدار قانون لتداول المعلومات يتطلب جهودًا مشتركة من مختلف فئات المجتمع المدني والنشطاء والصحفيين.
يجب استكمال النقاشات التي بدأت مع جلسات الحوار الوطني بشأن قانون تداول المعلومات، ويجب أن يشمل النقاش الفئات التالية:
الجهات الحكومية والمسؤولون الرسميون:
البرلمانيون وصناع القرار:
الصحفيون والإعلاميون:
منظمات المجتمع المدني:
الأكاديميون والخبراء القانونيون:
قطاع التكنولوجيا والاتصالات:
القضاء والمستشارون القانونيون:
المواطنون وممثلو المجتمع المحلي:
القطاع الخاص ورجال الأعمال:
ويُقترح تنظيم لقاءات مع صناع القرار، مثل النواب والوزراء، وتقديم عرائض ومناشدات تطالب بإصدار القانون، والمشاركة الفعالة في جميع الاستشارات العامة التي تجريها الحكومة حول هذا الموضوع، وبناء تحالفات واسعة مع مختلف المنظمات والمؤسسات التي تدعم هذا الحق، مثل منظمات حقوق الإنسان والصحفيين والمحامين.
يُقترح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم الحملات وتعبئة الرأي العام، وتبادل المعلومات والأفكار، وإنشاء منصات إلكترونية وتجميع التوقيعات على العرائض، وتقديم المعلومات حول القانون، وتسهيل التواصل بين المعنيين.
يلعب المجتمع المدني والإعلام دورًا حاسمًا في متابعة ملف إصدار قانون لتداول المعلومات. هذا الدور يتجسد في عدة جوانب أساسية:
وتقوم منظمات المجتمع المدني برصد وتوثيق التطورات المتعلقة بمشروع القانون، وتتبع أي تغييرات أو عراقيل قد تواجهه.
وتساهم منظمات المجتمع المدني في توعية الرأي العام بأهمية هذا القانون، وكيفية تأثيره على حياتهم اليومية، وحقوقهم في الحصول على المعلومات، كما تمارس ضغوطًا على صناع القرار من خلال تنظيم حملات، وتقديم عرائض ومذكرات، والتعاون مع النواب والسياسيين المؤيدين للقانون، فضلاً عن مشاركتها في الحوار العام حول القانون، وتقديم المقترحات والآراء لضمان إصدار القانون وتطبيقه.
وكذلك رصد السياسات والتحركات ذا الصلة والمنوط بها اصدار القانون للنور والعمل على متابعة تنفيذه بالشكل الذي يضمن فاعليته.
ويقوم الإعلام بتغطية تطورات ملف القانون بشكل مستمر وموضوعي، مما يساهم في زيادة الوعي العام بالقضية، ونشر المعلومات المتعلقة بالقانون.
كما يكشف الإعلام عن أي انتهاكات لحقوق الإنسان أو الفساد المرتبط بعرقلة إصدار القانون، ويساهم الإعلام في توجيه الرأي العام نحو دعم إصدار القانون، وذلك من خلال الحملات الإعلامية والتحليلات والتقارير.
ويلعب الإعلام دور أساسياً في الرقابة على أداء الحكومة في هذا الملف، وزيادة الوعي العام بضرورة إصدار القانون والاستفادة التي تقع على المواطنين بعد إصداره وتطبيقه.
التوصيات:
1. ينبغي على السلطة التشريعية إصدار قانون شامل وعادل لتداول المعلومات يضمن حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات ويحدد آليات واضحة للحصول عليها.
2. على النواب الاستجابة لمطالب المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية بشأن هذا القانون، والعمل على تلبية تطلعاتهم وآرائهم.
3. على اللجان البرلمانية المعنية بمناقشة هذا القانون أن تقوم بدور فعال في دراسته ومناقشته، والاستماع إلى آراء الخبراء والمواطنين.
4. على المجتمع المدني أن يواصل حملاته التوعوية بأهمية قانون تداول المعلومات، واستخدام كافة الوسائل المتاحة لذلك.
5. يجب على منظمات المجتمع المدني أن تمارس ضغوطاً مباشرة على صناع القرار من خلال تنظيم لقاءات، وتقديم عرائض ومناشدات.
6. على المجتمع المدني بناء تحالفات واسعة مع مختلف المنظمات والمؤسسات الداعمة لهذا الحق.
7. يجب على المجتمع المدني رصد وتوثيق أي انتهاكات لحقوق الإنسان أو عوائق تواجه إصدار القانون.
8. يجب على المجتمع المدني المشاركة الفعالة في الحوار العام حول القانون وتقديم المقترحات والآراء.
9. على الإعلام أن يقوم بتغطية شاملة وموضوعية لتطورات ملف قانون تداول المعلومات.
10. ينبغي على الصحافة والإعلام كشف أي انتهاكات لحقوق الإنسان أو فساد مرتبط بعرقلة إصدار القانون.
11. يجب على الصحافة والإعلام توجيه الرأي العام نحو دعم إصدار القانون.
12. يجب على الصحافة والإعلام الرقابة على أداء الحكومة في هذا الشأن.
الخاتمة
إن إصدار قانون لتداول المعلومات ليس مجرد تشريع قانوني، بل هو خطوة حاسمة نحو بناء مجتمع أكثر عدالة وشفافية ومساءلة. هذا القانون يمثل حجر الزاوية في تعزيز المشاركة المجتمعية، ومكافحة الفساد، وتحسين جودة الخدمات العامة، وحماية حقوق الإنسان.
فحيثما يتمتع جميع المواطنين بحقهم في الحصول على المعلومات، تكون القرارات الحكومية شفافة ومتداولة، ويكون المجتمع المدني قادرًا على المشاركة الفعالة في الحياة العامة.
وبالتالي هناك ضرورة للإسراع في إصدار قانون لتداول المعلومات، وتقديم كل الدعم اللازم لتنفيذه.
المراجع:
"لجنة حقوق الإنسان": قانون حرية تداول المعلومات ضرورة للقضاء على الشائعات
الحقانية.. دينا المقدم تستعرض أهم توصيات الحوار الوطني بشأن تداول المعلومات
نقيب الصحفيين: لا يجوز الكلام عن قانون لحرية تداول المعلومات ويحكم المجال العام تشريعات تحجبها
الحوار الوطني.. "الحرية المصري": "حرية تداول المعلومات" تحمي المجتمع من خطر الشائعات
حقوق إنسان النواب: إصدار قانون حرية الرأي وتداول المعلومات أمر مهم للغاية
الحوار الوطني.. نقيب الصحفيين يطالب بإصدار قانون منع الحبس في قضايا النشر
انطلاقة فكرية فى المشهد السياسى على طاولة الحوار الوطنى لمناقشة الحبس الاحتياطي
حزب المحافظين يقدم 8 توصيات للتماسك المجتمعى والحد من تهديدات الاستقرار الأسرى
المركز الاقليمى للحقوق و الحريات هى مؤسسة قانونية مصرية تأسست وفقا للاحكام القانون فى يناير 2016 على يد مجموعة من نشطاء حقوق الانسان الشباب حيث تضم مجموعة من المحامين و الباحثين و يعملون من اجل الدفاع عن حقوق الانسان فى مصر و الاقليم و الذين يتخذون من مبادئ حقوق الانسان مرجعا و من العمل السلمى منهجا لضمان حرية الفرد و كرامته . يسعى المركز للوصول إلى مجتمع منفتح وعادل يتيح حرية البحث عن المعلومات وخلق الأفكار وتلقيها والتعبير عنها وتبادلها مع الآخرين دون خوف أو تدخل ظالم من الدولة وذلك بتمكين أفراد المجتمع ومساعدتهم في الحصول على حقوقهم والتمتع بحرياتهم بتمثيل احتياجاتهم أمام الجهات المسؤولة والتأكيد على ضرورة الالتزام بحقوق الانسان وسيادة القانون.
روابط سريعة
ابق على اطلاع!