مقدمة
تعد استقلالية الصحافة شرطًا أساسيًا لأداء دورها كسلطة رابعة في المجتمع، حيث تعتمد ديمقراطية أي دولة على قدرة الإعلام على ممارسة الرقابة والنقد بحرية.
في مصر يشهد المشهد الصحفي منذ عقود حالة من التداخل بين المجالين التحريري والإداري في المؤسسات الصحفية، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على استقلالية الصحافة وقدرتها على أداء دورها الرقابي والتنويري. ففي كثير من المؤسسات، يضطلع مجلس الإدارة – الذي يفترض أن يهتم بالإدارة والتمويل بأدوار تحريرية، بينما تخضع غرف الأخبار لتوجهات لا تستند إلى اعتبارات مهنية، بل إلى مصالح سياسية أو اقتصادية أو غيرها، مما يؤثر على الموضوعية والمصداقية.
تسلط هذه الورقة الضوء على أهمية الفصل المؤسسي والوظيفي بين التحرير والإدارة في الصحف المصرية، استنادًا إلى نماذج نظرية وتجارب دولية، مع دراسة خصوصية السياق المحلي وتحدياته.
أولاً: التحرير والإدارة من زاويتين مختلفتين
في النظرية الإعلامية، يُعد الفصل بين التحرير والإدارة مبدأً جوهريًا لضمان استقلال المضمون عن المصالح التجارية أو السياسية. يعود هذا المبدأ إلى تطورات ظهرت منذ القرن العشرين، خاصة في الصحافة الليبرالية الغربية، حيث وُضعت قواعد صارمة لحماية غرف الأخبار من نفوذ المال والإعلانات (كتاب احتكار الإعلام الجديد – تأليف: بن باغديكيان 2004).
التحرير يكون مسؤول عن المحتوى، ويعتمد على المعايير المهنية، والأخلاقيات الصحفية، وحق الجمهور في المعرفة، أما مجلس الإدارة فيركز على إدارة المؤسسة ككيان اقتصادي، وتعظيم الموارد، وتنظيم البنية المالية والإدارية.
حين تختلط هذه الأدوار، تنشأ حالة تضارب مصالح تهدد القيم الصحفية الأساسية مثل الموضوعية، والنزاهة، والمصداقية.
ثانيًا: الواقع في مصر: تقاطع المصالح وتحجيم الاستقلالية
- الصحف القومية: تخضع الصحف القومية الكبرى في مصر مثل الأهرام والأخبار والجمهورية، وغيرها، لإشراف "الهيئة الوطنية للصحافة"، وهي هيئة رسمية تعين رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف. هذا الدمج المؤسسي يضعف استقلال القرار التحريري، ويجعله تابعًا للتوجهات الرسمية أو السياسات العامة للدولة، ما يعيد إنتاج خطاب موالٍ بشكل دائم.
بحسب تقرير مؤسسة فريدريش ناومان (2022) "لا تزال البنية الحاكمة للصحف القومية تعتمد نموذج الدمج الكامل بين التحرير والإدارة، وهو ما يؤدي إلى غياب المساءلة التحريرية".
- الصحف الخاصة: رغم ما يبدو من حرية نسبية، إلا أن العديد من الصحف الخاصة في مصر مملوكة لرؤوس أموال ذات علاقات متشابكة مع السلطة أو السوق، مثل صحف المصري اليوم واليوم السابع والوطن. وغالبًا ما يتم تعيين رؤساء التحرير من قبل المالك مباشرة، ما يحول الخط التحريري إلى امتداد لرؤية المستثمر، لا لرؤية مهنية مستقلة في كثير من الأحيان.
- صحف حزبية: مثل الوفد، التي تعكس توجهات أحزابها.
ثالثاً: آثار هذا الدمج والتحديات التي تواجه الفصل بين التحرير والإدارة في مصر
كان لهذا الدمج بين مجالس الإدارات والتحرير في الصحف آثار سلبية منها:
كما تواجه الصحف المصرية تحديات عدم الفصل بين التحرير والإدارة منها:
رابعاً: فوائد الفصل بين التحرير والإدارة في السياق المصري
خامساً: تجارب مقارنة ونماذج ملهمة للفصل المؤسسي
The Guardian البريطانية تعتمد على الفصل بشكل صارم بين مجلس الإدارة والإدارة التحريرية، لضمان نزاهة المحتوى. فتعتمد علي هيكل مؤسسي فريد من نوعه، تشرف عليه مؤسسة، Scott Trust التي تم إنشاؤها لضمان استقلالية التحرير عن أي نفوذ سياسي أو تجاري. لا يحق للمؤسسة التدخل في السياسات التحريرية، ويُشرف مجلس التحرير على المحتوى بشكل مستقل تمامًا. هذا النموذج أتاح للصحيفة أن تحافظ على معايير عالية من النزاهة والمصداقية لعقود.
The New York Times تعتمد "تحرير مستقل عن الإدارة"، ويتم تعيين رئيس التحرير من قبل لجنة مهنية لا علاقة لها بالمساهمين المباشرين، ولا تخضع لسلطة المساهمين الماليين أو مجلس الإدارة، وهو ما يضمن مساحة مهنية حقيقية. كما تنص لوائحها على عدم جواز تدخل المالكين في المحتوى اليومي أو السياسات التحريرية. وقد مكنها هذا النموذج من مواجهة تحديات سياسية وتجارية دون التفريط في المعايير الصحفية.
لبنان وتونس (في نماذج إعلام ما بعد الربيع العربي) بدأت بعض الصحف والمواقع الرقمية الناشئة في اعتماد هذا الفصل، خاصة في المبادرات المستقلة مثل درج ونواة. اعتمدت منذ نشأتها على فصل واضح بين الإدارة والتحرير. هذه المؤسسات الناشئة صاغت لنفسها أنظمة داخلية تُفصل بين الممول والتحرير، وغالباً ما يدير الجانب الإداري خبراء غير صحفيين لضمان عدم تسييس المحتوى. ورغم محدودية التمويل والتحديات الأمنية، أثبتت هذه التجارب أن الفصل ممكن وفعّال حتى في البيئات العربية المعقدة.
سادساً: نحو نموذج مصري للفصل بين التحرير والإدارة
يمثل الفصل بين الإدارة والتحرير أحد أبرز المعايير التي تقاس بها نزاهة المؤسسات الإعلامية و احترافيتها، حيث يضمن استقلال غرف الأخبار عن النفوذ المالي أو السياسي، ويمنح الصحفيين مساحة حرة للعمل المهني. وفي السياق المصري، لا يزال هذا الفصل غائباً أو مبهماً، خاصة في المؤسسات القومية التي تُخضع التحرير لسلطة مجلس الإدارة، ما يؤدي إلى تآكل الثقة في الإعلام، وتشوه التغطية الصحفية، وتقويض الرقابة المجتمعية.
ومع تصاعد التحديات السياسية والمهنية التي تواجه الصحافة المصرية، تبرز الحاجة إلى نموذج وطني واضح، يعيد الاعتبار لمبدأ استقلال التحرير ضمن الإطار القانوني والمؤسسي، دون الإخلال بالحوكمة والمحاسبة. ويتطلب هذا النموذج إصلاحاً تشريعياً، وميثاقًا داخلياً ملزماً، وآليات رقابة مجتمعية فعالة، إلى جانب تمكين غرف الأخبار من صياغة سياساتها التحريرية بعيداً عن توجيه الإدارة أو المالك. ولتحقيق هذا يتطلب:
يتطلب تحقيق استقلال التحرير عن الإدارة في مصر تعديل قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، حيث ينبغي إدراج نصوص صريحة تضمن حماية رؤساء التحرير من العزل أو الضغط الإداري، وتمنح غرف الأخبار سلطة مهنية مستقلة. كما يجب إنشاء آلية تحكيم قانوني في حال حدوث تعارض بين التحرير والإدارة.
يمكن للمؤسسات الصحفية المصرية أن تضع ميثاقاً داخلياً ملزماً يوضح حدود العلاقة بين مجلس الإدارة والتحرير، واختصاص كل طرف. يجب أن يتضمن هذا الميثاق حظر التدخل الإداري في المحتوى أو التغطية، وأن ينص على تشكيل مجلس تحريري مهني يحاسب وفق معايير الصحافة لا التوجيهات الإدارية. الالتزام بهذا الميثاق يمكن أن يدمج ضمن لوائح النقابة أو شرطًا لتلقي الدعم المؤسسي.
تتبنى المؤسسات الصحفية ميثاقًا يحدد بوضوح:
يفترض أن تلعب نقابة الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني دوراً رقابياً في متابعة التزام المؤسسات الصحفية بفصل الإدارة عن التحرير. يمكن إنشاء وحدة مستقلة داخل النقابة لتلقي الشكاوى وتوثيق الانتهاكات، وتقديم توصيات علنية. هذا الإشراف المدني يعزز الشفافية، ويشكل ضغطًا معنويًا على المؤسسات لاحترام قواعد الاستقلال التحريري.
لإعادة الاعتبار لغرف التحرير، لا بد من منحها صلاحيات حقيقية في وضع السياسة التحريرية، وتحديد أولويات التغطية، دون تدخل من المالك أو الإدارة. كما يجب إقرار آلية داخلية للتصعيد تُتيح للصحفيين الاعتراض المهني على أي توجيه إداري يمس استقلالهم. هذه الآليات تخلق توازن قوى داخل المؤسسة، وتعزز ثقافة الحوكمة الصحفية من الداخل.
خاتمة
يعد فصل التحرير عن مجالس الإدارات في الصحف المصرية خطوة ضرورية لضمان صحافة حرة ومهنية. ورغم التحديات السياسية والاقتصادية، فإن تبني إصلاحات تشريعية وتطوير هياكل حوكمة رشيدة يمكن أن يحقق تقدماً ملموساً. يجب أن يكون هناك حوار وطني بين الصحفيين والمشرعين وأصحاب المؤسسات الإعلامية لوضع آليات تحمي استقلالية الصحافة، مما يعود بالنفع على المجتمع ككل.
إن بناء نموذج مصري مستوحى من الخبرات الدولية، لكنه يعكس خصوصية السياق المحلي، هو السبيل إلى استعادة دور الصحافة كسلطة رابعة حقيقية.
المراجع
مقدمة
تعد استقلالية الصحافة شرطًا أساسيًا لأداء دورها كسلطة رابعة في المجتمع، حيث تعتمد ديمقراطية أي دولة على قدرة الإعلام على ممارسة الرقابة والنقد بحرية.
في مصر يشهد المشهد الصحفي منذ عقود حالة من التداخل بين المجالين التحريري والإداري في المؤسسات الصحفية، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على استقلالية الصحافة وقدرتها على أداء دورها الرقابي والتنويري. ففي كثير من المؤسسات، يضطلع مجلس الإدارة – الذي يفترض أن يهتم بالإدارة والتمويل بأدوار تحريرية، بينما تخضع غرف الأخبار لتوجهات لا تستند إلى اعتبارات مهنية، بل إلى مصالح سياسية أو اقتصادية أو غيرها، مما يؤثر على الموضوعية والمصداقية.
تسلط هذه الورقة الضوء على أهمية الفصل المؤسسي والوظيفي بين التحرير والإدارة في الصحف المصرية، استنادًا إلى نماذج نظرية وتجارب دولية، مع دراسة خصوصية السياق المحلي وتحدياته.
أولاً: التحرير والإدارة من زاويتين مختلفتين
في النظرية الإعلامية، يُعد الفصل بين التحرير والإدارة مبدأً جوهريًا لضمان استقلال المضمون عن المصالح التجارية أو السياسية. يعود هذا المبدأ إلى تطورات ظهرت منذ القرن العشرين، خاصة في الصحافة الليبرالية الغربية، حيث وُضعت قواعد صارمة لحماية غرف الأخبار من نفوذ المال والإعلانات (كتاب احتكار الإعلام الجديد – تأليف: بن باغديكيان 2004).
التحرير يكون مسؤول عن المحتوى، ويعتمد على المعايير المهنية، والأخلاقيات الصحفية، وحق الجمهور في المعرفة، أما مجلس الإدارة فيركز على إدارة المؤسسة ككيان اقتصادي، وتعظيم الموارد، وتنظيم البنية المالية والإدارية.
حين تختلط هذه الأدوار، تنشأ حالة تضارب مصالح تهدد القيم الصحفية الأساسية مثل الموضوعية، والنزاهة، والمصداقية.
ثانيًا: الواقع في مصر: تقاطع المصالح وتحجيم الاستقلالية
- الصحف القومية: تخضع الصحف القومية الكبرى في مصر مثل الأهرام والأخبار والجمهورية، وغيرها، لإشراف "الهيئة الوطنية للصحافة"، وهي هيئة رسمية تعين رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف. هذا الدمج المؤسسي يضعف استقلال القرار التحريري، ويجعله تابعًا للتوجهات الرسمية أو السياسات العامة للدولة، ما يعيد إنتاج خطاب موالٍ بشكل دائم.
بحسب تقرير مؤسسة فريدريش ناومان (2022) "لا تزال البنية الحاكمة للصحف القومية تعتمد نموذج الدمج الكامل بين التحرير والإدارة، وهو ما يؤدي إلى غياب المساءلة التحريرية".
- الصحف الخاصة: رغم ما يبدو من حرية نسبية، إلا أن العديد من الصحف الخاصة في مصر مملوكة لرؤوس أموال ذات علاقات متشابكة مع السلطة أو السوق، مثل صحف المصري اليوم واليوم السابع والوطن. وغالبًا ما يتم تعيين رؤساء التحرير من قبل المالك مباشرة، ما يحول الخط التحريري إلى امتداد لرؤية المستثمر، لا لرؤية مهنية مستقلة في كثير من الأحيان.
- صحف حزبية: مثل الوفد، التي تعكس توجهات أحزابها.
ثالثاً: آثار هذا الدمج والتحديات التي تواجه الفصل بين التحرير والإدارة في مصر
كان لهذا الدمج بين مجالس الإدارات والتحرير في الصحف آثار سلبية منها:
كما تواجه الصحف المصرية تحديات عدم الفصل بين التحرير والإدارة منها:
رابعاً: فوائد الفصل بين التحرير والإدارة في السياق المصري
خامساً: تجارب مقارنة ونماذج ملهمة للفصل المؤسسي
The Guardian البريطانية تعتمد على الفصل بشكل صارم بين مجلس الإدارة والإدارة التحريرية، لضمان نزاهة المحتوى. فتعتمد علي هيكل مؤسسي فريد من نوعه، تشرف عليه مؤسسة، Scott Trust التي تم إنشاؤها لضمان استقلالية التحرير عن أي نفوذ سياسي أو تجاري. لا يحق للمؤسسة التدخل في السياسات التحريرية، ويُشرف مجلس التحرير على المحتوى بشكل مستقل تمامًا. هذا النموذج أتاح للصحيفة أن تحافظ على معايير عالية من النزاهة والمصداقية لعقود.
The New York Times تعتمد "تحرير مستقل عن الإدارة"، ويتم تعيين رئيس التحرير من قبل لجنة مهنية لا علاقة لها بالمساهمين المباشرين، ولا تخضع لسلطة المساهمين الماليين أو مجلس الإدارة، وهو ما يضمن مساحة مهنية حقيقية. كما تنص لوائحها على عدم جواز تدخل المالكين في المحتوى اليومي أو السياسات التحريرية. وقد مكنها هذا النموذج من مواجهة تحديات سياسية وتجارية دون التفريط في المعايير الصحفية.
لبنان وتونس (في نماذج إعلام ما بعد الربيع العربي) بدأت بعض الصحف والمواقع الرقمية الناشئة في اعتماد هذا الفصل، خاصة في المبادرات المستقلة مثل درج ونواة. اعتمدت منذ نشأتها على فصل واضح بين الإدارة والتحرير. هذه المؤسسات الناشئة صاغت لنفسها أنظمة داخلية تُفصل بين الممول والتحرير، وغالباً ما يدير الجانب الإداري خبراء غير صحفيين لضمان عدم تسييس المحتوى. ورغم محدودية التمويل والتحديات الأمنية، أثبتت هذه التجارب أن الفصل ممكن وفعّال حتى في البيئات العربية المعقدة.
سادساً: نحو نموذج مصري للفصل بين التحرير والإدارة
يمثل الفصل بين الإدارة والتحرير أحد أبرز المعايير التي تقاس بها نزاهة المؤسسات الإعلامية و احترافيتها، حيث يضمن استقلال غرف الأخبار عن النفوذ المالي أو السياسي، ويمنح الصحفيين مساحة حرة للعمل المهني. وفي السياق المصري، لا يزال هذا الفصل غائباً أو مبهماً، خاصة في المؤسسات القومية التي تُخضع التحرير لسلطة مجلس الإدارة، ما يؤدي إلى تآكل الثقة في الإعلام، وتشوه التغطية الصحفية، وتقويض الرقابة المجتمعية.
ومع تصاعد التحديات السياسية والمهنية التي تواجه الصحافة المصرية، تبرز الحاجة إلى نموذج وطني واضح، يعيد الاعتبار لمبدأ استقلال التحرير ضمن الإطار القانوني والمؤسسي، دون الإخلال بالحوكمة والمحاسبة. ويتطلب هذا النموذج إصلاحاً تشريعياً، وميثاقًا داخلياً ملزماً، وآليات رقابة مجتمعية فعالة، إلى جانب تمكين غرف الأخبار من صياغة سياساتها التحريرية بعيداً عن توجيه الإدارة أو المالك. ولتحقيق هذا يتطلب:
يتطلب تحقيق استقلال التحرير عن الإدارة في مصر تعديل قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، حيث ينبغي إدراج نصوص صريحة تضمن حماية رؤساء التحرير من العزل أو الضغط الإداري، وتمنح غرف الأخبار سلطة مهنية مستقلة. كما يجب إنشاء آلية تحكيم قانوني في حال حدوث تعارض بين التحرير والإدارة.
يمكن للمؤسسات الصحفية المصرية أن تضع ميثاقاً داخلياً ملزماً يوضح حدود العلاقة بين مجلس الإدارة والتحرير، واختصاص كل طرف. يجب أن يتضمن هذا الميثاق حظر التدخل الإداري في المحتوى أو التغطية، وأن ينص على تشكيل مجلس تحريري مهني يحاسب وفق معايير الصحافة لا التوجيهات الإدارية. الالتزام بهذا الميثاق يمكن أن يدمج ضمن لوائح النقابة أو شرطًا لتلقي الدعم المؤسسي.
تتبنى المؤسسات الصحفية ميثاقًا يحدد بوضوح:
يفترض أن تلعب نقابة الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني دوراً رقابياً في متابعة التزام المؤسسات الصحفية بفصل الإدارة عن التحرير. يمكن إنشاء وحدة مستقلة داخل النقابة لتلقي الشكاوى وتوثيق الانتهاكات، وتقديم توصيات علنية. هذا الإشراف المدني يعزز الشفافية، ويشكل ضغطًا معنويًا على المؤسسات لاحترام قواعد الاستقلال التحريري.
لإعادة الاعتبار لغرف التحرير، لا بد من منحها صلاحيات حقيقية في وضع السياسة التحريرية، وتحديد أولويات التغطية، دون تدخل من المالك أو الإدارة. كما يجب إقرار آلية داخلية للتصعيد تُتيح للصحفيين الاعتراض المهني على أي توجيه إداري يمس استقلالهم. هذه الآليات تخلق توازن قوى داخل المؤسسة، وتعزز ثقافة الحوكمة الصحفية من الداخل.
خاتمة
يعد فصل التحرير عن مجالس الإدارات في الصحف المصرية خطوة ضرورية لضمان صحافة حرة ومهنية. ورغم التحديات السياسية والاقتصادية، فإن تبني إصلاحات تشريعية وتطوير هياكل حوكمة رشيدة يمكن أن يحقق تقدماً ملموساً. يجب أن يكون هناك حوار وطني بين الصحفيين والمشرعين وأصحاب المؤسسات الإعلامية لوضع آليات تحمي استقلالية الصحافة، مما يعود بالنفع على المجتمع ككل.
إن بناء نموذج مصري مستوحى من الخبرات الدولية، لكنه يعكس خصوصية السياق المحلي، هو السبيل إلى استعادة دور الصحافة كسلطة رابعة حقيقية.
المراجع
المركز الاقليمى للحقوق و الحريات هى مؤسسة قانونية مصرية تأسست وفقا للاحكام القانون فى يناير 2016 على يد مجموعة من نشطاء حقوق الانسان الشباب حيث تضم مجموعة من المحامين و الباحثين و يعملون من اجل الدفاع عن حقوق الانسان فى مصر و الاقليم و الذين يتخذون من مبادئ حقوق الانسان مرجعا و من العمل السلمى منهجا لضمان حرية الفرد و كرامته . يسعى المركز للوصول إلى مجتمع منفتح وعادل يتيح حرية البحث عن المعلومات وخلق الأفكار وتلقيها والتعبير عنها وتبادلها مع الآخرين دون خوف أو تدخل ظالم من الدولة وذلك بتمكين أفراد المجتمع ومساعدتهم في الحصول على حقوقهم والتمتع بحرياتهم بتمثيل احتياجاتهم أمام الجهات المسؤولة والتأكيد على ضرورة الالتزام بحقوق الانسان وسيادة القانون.
روابط سريعة
ابق على اطلاع!