المحتويات
مقدمة
ملخص تنفيذي
الباب الثاني: استمرار استهداف الصحافة المستقلة
الباب الثالث: تشريعات تقيد المهنة وأخرى متعثرة
الباب الرابع: قرارات المجلس الأعلى للإعلام والمشهد الإعلامي
الباب الخامس: التضييق على الصحفيين داخل مؤسساتهم
الباب السادس: أزمات نقابة الصحفيين والمشهد النقابي
خاتمة وتوصيات
مقدمة
خلال عام 2024، استمرت الممارسات المقيدة لحرية الصحافة، والتي يواجهها الصحفيون والصحفيات في مصر، ومن بينها الحبس الاحتياطي المطول، والمضايقات الأمنية، والمنع من التغطية. كما استمر استهداف الصحافة المستقلة، والذي تمثل في استدعاء صحفيين للتحقيق، في موضوعات صحفية تم نشرها، ورفض ترخيص المواقع رغم استيفاء الشروط. وكذلك استمرار سياسة حجب المواقع كما حدث مع موقع "القاهرة 24".
وعلى الرغم من أن الدستور يكفل حرية الصحافة ويحظر العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر، استمر العمل بالقوانين المقيدة، مثل قانون تنظيم الصحافة والإعلام لعام 2018 وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون العقوبات الذي يعاقب على نشر الأخبار الكاذبة. ورغم توصيات نقابة الصحفيين بتعديل هذه التشريعات وإلغاء العقوبات السالبة للحرية، تجاهل البرلمان تلك المطالب. كما تعثر إصدار قانون حرية تداول المعلومات، مما يزيد من صعوبة حصول الصحفيين على البيانات الرسمية ويعرّضهم للملاحقات القانونية.
وخلال العام الماضي، اتخذ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر سلسلة من القرارات التي تضمنت إيقاف برامج تلفزيونية وفرض غرامات مالية وإغلاق قنوات، بدعوى حماية السمعة الشخصية والحياة الخاصة. ورغم أن هذه الإجراءات تهدف إلى تنظيم المحتوى وضبطه، إلا أنها أثارت مخاوف بشأن تقييد حرية الإعلام، وبخاصة أن هذه الإجراءات لم تكن من بينها تعزيز ميثاق الشرف الإعلامي وتقديم برامج تدريبية للإعلاميين بدلاً من اللجوء إلى إيقاف البرامج وفرض الغرامات.
في السياق ذاته، شهدت مؤسسات صحفية احتجاجات واعتصامات خلال عام 2024، نتيجة تدني الأجور وتراجع فرص التوظيف، مما أثر سلبًا على استقرار الصحفيين. حيث نظم الصحفيون احتجاجات في مؤسسات مثل جريدة "العمال" وجريدة "الوفد" للمطالبة بتحسين الأوضاع المالية وتوقيع العقود الرسمية. وفي الوقت نفسه، تواصلت الجهود لحل أزمة الصحفيين المؤقتين، مع إعلان نقابة الصحفيين عن اتفاق مبدئي لتعيين المؤقتين بالتعاون مع الهيئة الوطنية للصحافة، إلا أن التنفيذ الفعلي لهذه الاتفاقات لم يتم حتى نهاية العام. كما استمرت أزمة أحكام القيد الاستئنافي دون حل أو تنفيذ فعلي من قبل نقابة الصحفيين.
ملخص تنفيذي
في عام 2024، واجه الصحفيون والصحفيات تحديات عدة، تضمنت الاحتجاز التعسفي، والإحالة إلى المحاكمات، إلى جانب استهداف الصحافة المستقلة عبر استدعاء الصحفيين للتحقيق معهم، ورفض ترخيص المواقع الصحفية، واستمرار سياسة حجب المواقع. وعلى الرغم من أن الدستور المصري يكفل حرية الصحافة، إلا أن القوانين المقيدة ما زالت سارية، مثل قانون تنظيم الصحافة والإعلام لعام 2018 وقوانين مكافحة الإرهاب، مما أدى إلى تقييد حرية التعبير بشكل متزايد. تجاهل البرلمان المصري المطالب المتكررة بتعديل هذه التشريعات وإلغاء العقوبات السالبة للحرية، وهو ما زاد من تفاقم الأزمة.
تستعرض هذه الورقة حالة حرية الصحافة والإعلام في مصر خلال عام 2024، مع التركيز على استمرار حبس ما لا يقل عن 24 صحفيًا وصحفية، وإحالة بعضهم إلى المحاكمات، إضافة إلى الملاحقات الأمنية المستمرة. كما تسلط الضوء على التحديات والأزمات التي يواجهها الصحفيون داخل مؤسساتهم، بما في ذلك تدني الأجور، الفصل التعسفي، وعدم الاستقرار الوظيفي. كما تتناول الورقة العوائق التي تواجه الصحافة المستقلة، مثل الاستدعاءات الأمنية، حجب المواقع الصحفية، ورفض تراخيصها رغم استيفاء الشروط القانونية.
في الوقت الذي أخلي سبيل عدد من الصحفيين والصحفيات خلال عام 2024، ألقي القبض على صحفيين آخرين، فيما استمر صحفيون آخرون تحت مقصلة الحبس الاحتياطي دون إطلاق سراحهم أو إحالتهم إلى المحاكمة، بينما أحيل آخرين إلى المحاكمة.
احتفلت الجماعة الصحفية بالإفراج عن خمسة صحفيين خلال عام 2024، وذلك بعد إنقضاء فترات متفاوتة من الحبس الاحتياطي.
ففي فبراير 2024، أُخلي سبيل 3 صحفيات وهن (صفاء الكربيجي، هالة فهمي، منال عجرمة) بعد انقضاء مدد متفاوتة قيد الحبس الاحتياطي. وكانت الإعلامية السابقة بماسبيرو هالة فهمي، قد ألقي القبض عليها في أبريل من عام 2022، وظلت قيد الحبس الاحتياطي ما يزيد على عام ونصف على ذمة التحقيقات في القضية رقم 441 لسنة 2022 (حصر نيابة أمن الدولة العليا).
كما أخلي سبيل الصحفية صفاء الكوربيجي، بعد أكثر من عام ونصف قيد الحبس الاحتياطي على ذمة القضية 441 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا. فضلًا عن إخلاء سبيل الصحفية منال عجرمة، بعد حبسها احتياطيًّا ما يزيد على عام على ذمة تحقيقات القضية رقم 1893 لسنة 2022 (حصر أمن دولة عليا). واتهمت الصحفيات الثلاثة بعدد من الاتهامات أثناء التحقيق معهن والتي منها: نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
في مارس من عام 2024، أُطلق سراح الصحفيين بالجزيرة، ربيع الشيخ، وبهاء إبراهيم، بعد فترات حبس احتياطي متفاوتة. وألقي القبض على الصحفيين أثناء زيارة لمصر لقضاء إجازة عائلية خارج نطاق عملهما، إذ وُجهت إليهما تهم الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. فيما رحبت نقابة الصحفيين بقرارات الإخلاء آنذاك عن المحبوسين، وطالبت في الوقت نفسه بالمزيد من الاخلاءات في سبيل غلق ملف المحبوسين نهائيا.
في أبريل من العام نفسه، أمرت النيابة العامة، بإخلاء سبيل 5 صحفيات شاركن في وقفة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة، بكفالة مالية قدرها 5 آلاف جنيه لكل منهن. وذلك بعد يومين من الاحتجاز والتحقيق معهم بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام إلى جماعة إرهابية. وكانت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين قد طالبت بإخلاء سبيل الصحفيين والصحفيات المحبوسين، وكل مَن تم القبض عليهم من المواطنين أثناء وقفة سلمية نظموها أمام مقر الأمم المتحدة، رفضًا للعدوان على غزة، خاصة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء فى غزة، وفي السودان وسط صمت أممي.
استمرت الملاحقات الأمنية في حق الصحفيين خلال عام 2024، ففي 22 يوليو ألقت قوات الأمن القبض على أشرف عمر رسام الكاريكاتير والمترجم بموقع “المنصة” الإخباري ، من منزله فجرًا بحدائق أكتوبر.
ظهر "عمر" أمام النيابة، عقب 48 ساعة من القبض عليه، على ذمة القضية رقم 1968 لسنة 2024 حصر أمن دولة، مواجهًا تهم: نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.
أيضا، في 22 يوليو، وبعد أسبوع من الاحتجاز خارج إطار القانون، ظهر الصحفي خالد ممدوح أمام نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه على ذمة القضية رقم 1282 لسنة 2024، ليواجه نفس التهم الموجهة لرسام الكاريكاتير أشرف عمر رغم اختلاف القضايا.
وفي 1 مايو، أُلقي القبض على رمضان جويدة، صحفي في موقع اليوم الإخباري المستقل، أثناء عودته إلى منزله بمحافظة المنوفية، وظل محتجزًا خارج إطار القانون لمدة تجاوزت ثلاثين يومًا، حتى ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا، متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة في القضية رقم 1568 لسنة 2024، حصر أمن دولة.
كما ألقت قوات الأمن القبض على الصحفي ياسر أبو العلا، في 10 مارس، وظل قيد الاحتجاز خارج إطار القانون لمدة 50 يومًا. فيما أقرت النيابة حبس أبو العلا على ذمة التحقيق في القضية رقم 1568 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا.
وفي نوفمبر 2024، ألقت قوات الأمن، القبض على الكاتب والصحفي سيد صابر، قبل ظهوره في نيابة أمن الدولة العليا التي قررت حبسه احتياطيًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1568 لسنة 2024، حصر أمن دولة.
استمر حبس 24 صحفي وصحفية قيد الحبس الاحتياطي وفقًا للإحصاء الرسمي الذي قدمته نقابة الصحفيين للجهات الرسمية، إذ تجاوز بعضهم فترة الحبس الاحتياطي بالمخالفة للقانون، ومن بين الصحفيين الذين تجاوزوا فترة الحبس: الكاتب الصحفي توفيق غانم الذي يبلغ من العمر 68 عاما.
ألقي القبض على غانم في 21 مايو 2021. ومنذ ذلك التاريخ يقع قيد الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 238 لسنة 2021 حصر تحقيق أمن دولة عليا بتهم: الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، نشر أخبار وبيانات كاذبة. ويعاني غانم من تضخم في البروستاتا، إضافة إلى معاناته من مشاكل صحية في العظام وخضوعه في وقت سابق لعمليات جراحية، وأخيرًا إصابته بمرض السكري الذي يستلزم رعاية طبية خاصة.
بالإضافة إلى الصحفي حمدي الزعيم المحبوس على ذمة القضية رقم 955 لسنة 2020، بتهم: الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، نشر أخبار وبيانات كاذبة، استخدام حساب على شبكة المعلومات الدولية لنشر أخبار كاذبة، ولازال قيد الحبس الاحتياطي رغم تجاوز المدة القانونية. ويعاني الزعيم من مرض السكر، وعدة انزلاقات في العمود الفقري، ما تسبب في تدهور حالته الصحية.
وألقي القبض على الزعيم في 5 يناير 2021، حيث داهمت قوة أمنية منزله، وصادرت محتويات الشقة و اقتادته إلى جهة غير معلومة. وظل محتجزًا لمدة 11 يوما، دون إبلاغ أسرته أو محاميه عن أسباب القبض عليه أو مكان احتجازه بالمخالفة للدستور. ومن وقت لآخر، تناشد أسرة الزعيم الجهات المختصة للإفراج عنه.
فضلًا عن الصحفية دنيا سمير التي تخطت الحد الأقصى المقرر قانونًا للحبس الاحتياطي، بعامين، إذ ألقي القبض عليها في مايو 2022، لتظل قيد الحبس الاحتياطي حتى الآن. وفي 1 أكتوبر 2023، كان المفترض أن تكون الصحفية دنيا سمير فتحي، قد أفرج عنها، لكن سرعان ما تبدد هذا الأمر إلى عكس ذلك بعدما اختفى اسمها من قوائم المفرج عنهم، بعد أن نشرتها منظمات حقوقية ونقابة الصحفيين في حينه.
وجاء في مقدمة توصيات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين الذي عُقد في الفترة من
حتى ديسمبر، سرعة الإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين احتياطيًا، وتبييض السجون من المحبوسين في قضايا النشر والرأي والتعبير، لا سيما من جاوزوا الحد الأقصى للحبس الاحتياطي المقرر بعامين، مشددًا على ضرورة عدم تدويرهم في قضايا أخرى عبر الامتناع عن توجيه اتهامات جديدة لهم ليستمروا قيد الحبس.
وتضم قائمة الصحفيين الذين تجاوز حبسهم الاحتياطي المدة القانونية بعامين، الصحفي كريم إبراهيم المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٤ سنوات، مصطفى الخطيب المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٥ سنوات، أحمد سبيع المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٤ سنوات، بدر محمد المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٧ سنوات، حسين كريم المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٤ سنوات، محمود سعد دياب المحبوس احتياطيا منذ أكثر من عامين.
بالإضافة إلى حمدي مختار الزعيم المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٤ سنوات، توفيق غانم المحبوس احتياطيًا منذ أكثر من ٣ سنوات، محمد سعيد فهمي المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٦ سنوات، دنيا سمير فتحي المحبوسة احتياطيا منذ أكثر من عامين، مصطفى محمد سعد المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٥ سنوات، عبدالله سمير مبارك المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٥ سنوات.
فضلًا عن مدحت رمضان المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٤ سنوات، أحمد الطوخي المحبوس احتياطيا منذ أكثر من ٣ سنوات.
في ديسمبر 2024، أحالت نيابة أمن الدولة العليا عددًا من الصحفيين إلى المحاكمة الجنائية، من بينهم الصحفي أحمد أبو زيد الطنوبي، 29 عامًا، المتهم في القضية المعروفة إعلاميًا بـ “مكملين 2” والتي تحمل الرقم 977 لسنة 2017 حصر أمن دولة عليا.
وفوجئت نقابة الصحفيين بإحالة بعض القضايا المحبوس على ذمتها مجموعة من الصحفيين المقيدين بجداول نقابة الصحفيين، ومن المتدربين الصحفيين للمحاكمة الجنائية مع استمرار حبسهم احتياطيًا، على الرغم من أنه قد مضى على حبسهم أكثر من عامين، وذلك دون أن يتم الإفراج عنهم لتجاوز مدة الحبس الاحتياطي المنصوص عليها بالمادة (143/4) من قانون الإجراءات الجنائية. ما يعني أن استمرار حبس الصحفيين الذين تجاوزوا مدة الحبس الاحتياطي بدون وجه حق، مخالفًا لنص المادة (54) من الدستور.
ويواجه الصحفيون والإعلاميون في مصر اتهامات عدة تشمل “الانتماء لجماعة إرهابية أُسست على خلاف القانون، نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".
في مارس من العام الماضي 2024، تعدى عدد من المحامين على مصورين ومحررين أثناء تأدية عملهم في تغطية انتخابات نقابة المحامين.
وحرر 7 من الصحفيين من صحف ومواقع «المصرى اليوم»، و«الوطن»، و«القاهرة 24»، و«البوابة نيوز»، و«الحرية» محضر في نقطة شرطة التحرير يحمل رقم 1475 إدارى قصر النيل 2024م، يتضمن أسماء أكثر من متهم قاموا بالتعدي بالقول والفعل على الصحفيين.
وشددت لجنة الحريات في نقابة الصحفيين على حق الصحفيين في أداء عملهم، وممارسة مهنتهم دون أية قيود، وعلى التزام نقابة الصحفيين بالدفاع عن هذا الحق. وأعلنت النقاب مساندتها للصحفيين المعتدى عليهم في كل الخطوات القانونية لمحاسبة المعتدين.
وأكدت النقابة العلاقات الجيدة مع نقابة المحامين، النقابة الجارة والشريكة في نضال وطني طوال تاريخ النقابتين، وطالبت مجلس نقابة المحامين المنتخب بالتحقيق في الواقعة، التي لا تعبر عن جموع المحامين.
وفي 12 يوليو 2024، اعتدى أفراد الشركة الإفريقية للأمن والحراسة بالسب والضرب على كيرلس صلاح المصور الصحفى بموقع "صدى البلد"، أثناء تغطية مباراة الأهلى وبيراميدز فى إطار منافسات الدورى العام لكرة القدم على ملعب إستاد القاهرة.
وفي 16 يوليو 2024، تقدم نقيب الصحفيين خالد البلشي ببلاغ للنائب العام، للتحقيق فى واقعة التعدي، وتضمن البلاغ شكوى المصور الصحفي وما تعرض له من اعتداء أثناء تأدية عمله المكلف به من قبل رؤسائه في مؤسسة "صدى البلد"، وفى نطاق المكان المحدد للمصورين داخل الملعب، حيث قام أحد أفراد الشركة بصفعه على وجهه، ومحاولة انتزاع هاتفه المحمول وتحطيمه، وقام آخر بالاعتداء عليه بدنيًا ولفظيًا ومحاولة احتجازه دون وجه حق.
وبعد أيام قليلة من الحادث، استقبل نقيب الصحفيين خالد البلشى في مكتبه قيادات الشركة الإفريقية للأمن والحراسة المسئولة عن تأمين الملاعب المصري، وقدم مسئولو الشركة اعتذارًا للمصور كيرلس صلاح، على ما بدر من فردى أمن تابعين للشركة تجاه المصور.
وفي إبريل 2024، اعتدى الحرس الخاص المرافقين لمصممة الجرافيك غادة والي على صحفي في موقع القاهرة ٢٤ هو محمد الرمادي، أثناء تغطيته جلسة الاستئناف على حكم حبسها في اتهامها بسرقة بعض الرسومات الخاصة بالفنان الروسي “كوراسوف” واستخدامها بدون اتباع الإجراءات القانونية السليمة المتبعة في تلك المواقف.
ووفقًا لما نشره موقع "القاهرة 24" عن الواقعة، أقدم الحرس الخاص بمصممة الجرافيك على الإمساك بالصحفي، والاستيلاء على هاتفه وإجباره على فتحه بالقوة، ومن ثم إتلافه، ظنًا منهم أنه كان يصور والي. وعقب ذلك، توجه الصحفي إلى قسم شرطة البساتين، حيث قام بتحرير محضر يتهم فيه والي وزوجها الفنان حسن أبو الروس وحرسهم الخاص بالاعتداء عليه والاستيلاء على هاتفه وإتلافه، رغم معرفتهم بأنه صحفي.
استمرار للملاحقات الأمنية، أعلن الصحفي معتز ودنان، في 21 أغسطس 2024، على حسابه على موقع فيس بوك أنه غادر مصر؛ "بحثًا عن الأمان والاستقرار وخشية تكرار تجربة الاعتقال". وأعلن ودنان أنه منذ مغادرته مصر، داهمت قوات الأمن المصرية منزله مرتين بحثًا عنه. وسبق ألقي القبض على ودنان في فبراير 2018 أثناء عمله مراسلا لموقع عربي بوست – المعروف وقتها بـ هاف بوست عربي- وأُفرج عنه في يوليو 2021.
في 10 مارس 2024، أوقفت رنا ممدوح الصحفية بموقع “مدى مصر”، في كمين العلمين خلال توجهها إلى مدينة رأس الحكمة في مهمة عمل صحفية، وتم إحالتها إلى قسم العلمين قبل أن يتم الإفراج عنها بعد احتجاز دام لساعات.
وكانت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين قد طالبت بالإفراج عن رنا ممدوح. مشددة في بيانها على رفضها لتوقيف الصحفية بهذه الطريقة أثناء توجهها لممارسة عملها، وهو ما يعد “انتهاكًا لحقها فى ممارسة عملها”.
وأوضحت اللجنة في بيانها أن القبض على الصحفية رنا ممدوح يعطى مؤشرًا خطيرًا فيما يتعلق بحرية العمل الصحفي، ففى الوقت، الذى كان من المنتظر صدور قرارات بالإفراج عن دفعة جديدة من الصحفيين المحبوسين، جاءت طريقة توقيف الزميلة لتثير الكثير من التساؤلات حول ملف أوضاع الصحفيين المحبوسين.
وكان موقع “مدى مصر”، قد أفاد باحتجاز قوات الشرطة للزميلة رنا ممدوح، الصحفية بالموقع، صباح الأحد في قسم شرطة العلمين، وذلك بعد إيقافها أثناء توجهها إلى مدينة رأس الحكمة في مهمة عمل.
ووفق “مدى مصر”، استوقف كمين شرطة عند محطة رسوم العلمين السيارة التي كانت تقل ممدوح، وسألها عن أسباب توجهها إلى هناك، وأبقى عليها قرابة الساعة بزعم “إجرائها حديثًا صحفيًا دون تصريح”، وذلك قبل اصطحابها إلى قسم العلمين، الذي انقطع الاتصال معها ومع سائق السيارة منذ وصولهما إليه، ليتم الإفراج عنها بعد ساعات من الاحتجاز.
ومع ختام المؤتمر العام السادس الذي عقدته نقابة الصحفيين، في الفترة من 14 إلى 16 ديسبمبر، أعلنت الصحفية رشا عزب دخولها في اعتصام مفتوح بمقر نقابة الصحفيين،احتجاجًا التضييق والملاحقة الأمنية التي تتعرض لها.
وجاء اعتصام عزب بعد تقديم بلاغ على خلفية سرقة سيارتها الخاصة، إلا أن مسؤولي قسم شرطة قصر النيل رفضوا إطلاعها على تفريغ كاميرات المراقبة بالمكان الذي شهد الواقعة، كما رفضت نيابة قصر النيل إعلامها بمصير التحقيقات والتحريات التي أجرتها في الواقعة.
وفي إطار المنع من التغطية الصحفية، في 14 يوليو 2024، منع وكيل وزارة الشباب والرياضة بالغربية الصحفيين من تغطية جنازة السباحة المصرية شذى نجم، بمسقط رأسها في محافظة الغربية بحضور وزير الشباب والرياضة، بعد أن تعدى عليهم بالسب والقذف واصفًا أداء عملهم بالسب والقذف. وفي 27 أكتوبر 2024، منعت محكمة جنايات القاهرة الصحفيين من دخول جلسة المحاكمة المتهم فيها مضيفة طيران التونسية بإنهاء حياة ابنتها.
الباب الثاني: استمرار استهداف الصحافة المستقلة
في 18 فبراير 2024، استدعت نيابة استئناف القاهرة، رئيسة تحرير «مدى مصر»، لينا عطا الله، للمثول أمامها صباح يوم 20 فبراير، للتحقيق معها في القضية رقم 22 لسنة 2023 حصر نيابة استئناف القاهرة.
ووصل الاستدعاء، إلى نقابة الصحفيين، بعد يومين من نشر «مدى مصر» تحقيقًا عن استحواذ رجل الأعمال، إبراهيم العرجاني، على بيزنس المرور من معبر رفح في الاتجاهين: خروج البشر من قطاع غزة، ودخول المساعدات والبضائع من مصر، فضلًا عن تربعه على عرش اﻷعمال التجارية في سيناء التي يترأس تنظيمًا قبليًا مسلحًا ساعد الجيش في القضاء على الإرهاب فيها. وأخلت نيابة أمن الدولة العليا سبيل رئيسة تحرير مدى مصر بعد ساعات من التحقيق معاها.
ويعتبر هذا الاستدعاء الثاني بعد أشهر قليلة، ففي نوفمبر 2023، استدعت عطا الله للتحقيق معها ذلك بعد أسابيع من إعلان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إحالة مسؤولي الموقع إلى النيابة، وطلب محامي نقابة الصحفيين وقتها تأجيل الجلسة، ثم أخطرت النقابة مسؤولي «مدى مصر» بتأجيل التحقيق حتى 6 ديسمبر 2023، قبل أن يعلن النقيب، خالد البلشي، تأجيل النيابة التحقيق، دون تحديد موعد جديد.
وفي 14 مايو 2024، استدعت نيابة شرق القاهرة الكلية، الكاتب الصحفي صلاح الدين حسن رئيس مجلس إدارة موقع ذات مصر، للتحقيق معه في القضية رقم 807 لسنة 2023. وفي نوفمبر أيضًا، استدعت نيابة الدقي الجزئية رئيس مجلس إدارة ذات مصر صلاح الدين حسن، ورئيس تحرير الموقع أسامة العنيزي، للتحقيق في القضية رقم 5576 لسنة 2024 إداري الدقي، والمقيدة برقم 1 لسنة 2024 عرائض صحافة.
وأرجع حسن الاستدعاء إلى محتويين صحفيين نُشرا على الموقع، وسبق وحقق فيهما المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الأول بعنوان "الفساد يضرب وزارة الشباب والرياضة والوزير لا يعنيه سوى الكرسي" في مطلع يناير 2024، الذي اعتبرته في النهاية لجنة التحقيق اتهامًا من دون دليل، حسبما قال صلاح.
أما التحقيق الآخر فكان بخصوص موضوع بعنوان "اجتماع عاصف بـ"الشيوخ" بسبب سوء أداء الإعلام المصري.. وكرم جبر: ماليش دعوة"، الذي نُشر في نفس الشهر، وكان رد لجنة التحقيق أن "كرم جبر لم يُدلِ بمثل هذا الكلام".
في 3 نوفمبر 2024، أعلن موقع المنصة الصحفي عن تعرض موقع القاهرة 24 الإخباري Cairo24 للحجب داخل مصر منذ بداية شهر نوفمبر، فيما لم تعلن إدارة الموقع حتى الآن رسميًا عن الحجب، ولم يصدر قرارٌ من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بهذا الشأن.
وواجه زوار القاهرة 24 والعاملون فيه صعوبة في فتح رابط الصفحة الرئيسية أو روابط الأخبار المنشورة على حسابات السوشيال ميديا الخاصة به، في حين ظل الوصول إلى تلك الراوبط متاحًا وبصورة طبيعية عبر المواقع التي تُمكّن المستخدمين من تخطي الحجب، سواء تلك التي تُقَدّم خدمات VPN والبروكسي proxy وتور Tor أو غيرها.
واستمرارًا لاستهداف الصحافة المستقلة، تسلمت إدارة منصة “فكّر تاني” الإلكترونية، في سبتمبر 2024، خطابًا رسميًا موقع من الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لإخطار شركة “فري ثانك ميديا” المالكة للمنصة، برفض طلبها ترخيص موقعها الصحفي، وذلك بعد تقدمها إلى المجلس الأعلى للإعلام، بطلب للحصول على ترخيص خلال العام الماضي 2023، واستيفاء الأوراق المطلوبة وسداد مبلغ الرسوم المطلوبة إلى خزينة المجلس في يوليو من العام الماضي 2023.
تضمنت العديد من التشريعات التي أُصدرت خلال السنوات العشر الأخيرة العديد من النصوص القانونية التي فتحت الباب أمام تقييد حرية الصحافة والإعلام، ما نتج عنه استمرار تدهور أوضاع الصحافة والإعلام في مصر. ورغم المطالبات بضرورة تعديل التشريعات التي تعيق وتقييد الصحافة والإعلام، تجاهل البرلمان المصري هذه المطالبات ولم يتم النظر في أية قانون من القوانين المقيدة للعمل الصحفي.
كما نصت المادة 71 على: "يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون".
ونصت المادة 72 على: "تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام". والمادة 211: "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري، وموازنتها مستقلة. ويختص المجلس بتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها. ويكون المجلس مسئولاً عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، ومنع الممارسات الاحتكارية، ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحفية والإعلامية، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي، وذلك على الوجه المبين في القانون. يحدد القانون تشكيل المجلس، ونظام عمله، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيه. ويُؤخذ رأي المجلس في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عمله".
العديد من القوانين ساهمت بشكل أساسي في تقييد لحرية الصحافة والإعلام سواء التي تتعلق بتنظيم الصحافة والإعلام بشكل مباشر، أو القوانين ذات الصلة التي أثرت سلبًا على حالة حرية الرأي والتعبير وفي قلبها حرية الصحافة والإعلام.
خلال عام 2024، استمر العمل بتلك القوانين وهو ما ساهم في تراجع دور الصحافة والإعلام وعزز من حالة الحصار والتقييد التي تشهدها المهنة، الأمر الذي أشارت إليه توصيات المؤتمر العام السادس للصحافة المصرية الذي عقدته نقابة الصحفيين المصريين في الفترة من 14 إلى 16 ديسمبر المنصرم.
تضم تلك القوانين ( التشريعات المنظمة للعمل الصحفي، وتشريعات عامة ذات تأثير على حرية الصحافة والصحفيين) .
تأتي في مقدمة التشريعات المنظمة للعمل الصحفي التي أثرت سلبًا على الصحافة والإعلام، قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام 180 لسنة 2018، الذي تضمن العديد من المصطلحات الفضفاضة التي فتحت الباب أمام الأهواء الشخصية مثل مقتضيات الأمن الوطني، كما ساهم في تأزم وضع الصحافة والإعلام في مصر بالخلط بين الإخطار والترخيص للمواقع الصحفية وفرض رسومًا وإجراءات معرقلة للمؤسسات الصحفية المستقلة.
بينما استمر العمل بالتشريعات العامة ذات تأثير على حرية الصحافة والصحفيين وتتضمن هذه التشريعات الآتي:
والذي تضمن مجموعة من المواد ساهمت في تقييد حرية الصحافة، من بينها المادة 28 التي تعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنين للترويج والإعداد للترويج لجريمة إرهابية وحيازة وسائل طبع وتسجيل وعلانية. بالإضافة إلى المادة 29 التي تتضمن نفس العقوبة لإنشاء المواقع الإلكترونية بغرض الجرائم السابقة، والمادة 35 والتي تنص على الغرامة من 200 ألف إلى 500 ألف جنيه تعمد نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد أو العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف بيانات وزارة الدفاع.
وهو القانون الذي تضمن الإجراءات والقرارات الصادرة بشأن حجب المواقع في مادتيه 7و8، بالإضافة إلى المادة 25 التي تنص على جريمة الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، وعقوبة ذلك حبس وغرامة. وتتضمن هذه المادة مصطلحات مطاطة غير محددة ما يفتح الباب أمام الاعتبارات والتقديرات الشخصية. وهي المواد التي لم يتم تعديلها حتى كتابة هذا التقرير.
رفضت نقابة الصحفيين مسودة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، لما يتضمنه من مواد تزيد من تقييد حرية الصحافة والإعلام، ومن المواد التي رفضتها نقابة الصحفيين المادة 267 من مشروع القانون، الخاصة بحظر نشر أخبار عن وقائع الجلسات، وذلك قبل أن يعلن مجلس النواب موافقته على إلغاء المادة استجابة لمطالب نقابة الصحفيين.
وكانت تلك المادة أثارت اعتراض نقابة الصحفيين واعتبروها قيد جديد على حرية الصحافة من الباب الخلفي، ورغم موافقة اللجنة التشريعية بمجلس النواب، على حذف المادة من مشروع القانون لكن نقابة الصحفيين لا تزال ترى أن هناك مواد أخرى تعسفية تُقيّد الصحفيين، أهمها: المادة (266)، التي تحظر نقل وقائع الجلسات أو بثها بأي طريقة، إلا بموافقة كتابية من رئيس الدائرة بعد إذن من النيابة العامة.
إضافة إلى المادة رقم (15) التي تجيز لمحكمة الجنايات بدرجتيها أو محكمة النقض أن تقيم دعوى جنائية على الفاعل، إذا وقعت أفعال خارج الجلسة، من شأنها التأثير على الشهود أو الإخلال بأوامر المحكمة، المادة (13) التي تفيد بإباحة الحق لمحكمة الجنايات أول درجة أن تضم متهمين جدد للدعوى وتحيلهم إلى النيابة العامة للتحقيق، إضافة إلى عدد من المواد التي اعتبرها البعض ضارة بالعدالة المتعلقة بالتوسع في صلاحيات جهات الضبط القضائي ومنحها صفة التحقيق في مراكز الاحتجاز.
وكان مجلس نقابة الصحفيين قد أعلن اعتراضه على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، لما تضمنه من توسع في سلطات الضبط والتحقيق، والمحاكمة على حساب حق الدفاع، والمساس بحقوق جوهرية للدفاع مقررة بموجب الدساتير والقوانين المتعاقبة. الأمر الذي قوبل من تشريعية النواب بهجوم موجه إلى نقيب الصحفيين.
وأرسل مجلس نقابة الصحفيين مذكرة بملاحظاته على قانون الإجراءات الجنائية لرئيس البرلمان ووزير المجالس النيابية والحوار الوطني والنواب الصحفيين ورؤساء الهيئات البرلماني، وتضمنت المذكرة ملاحظات على أكثر من 40 مادة وبدائل لها. وطالبت النقابة في مذكرتها بضرورة إجراء حوار مجتمعي حول مشروع القانون، وهو ما لم يحدث حتى كتابة هذا التقرير. في المقابل اقترب مجلس النواب من تمرير مشروع القانون بعد الموافقة عليه رغم المطالبات بالحوار المجتمعي قبل إصداره.
نص الدستور المصري على عدم توقيع عقوبات سالبة للحرية في جرائم النشر، وذلك في المادة 67 التي تنص على :" ....... ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد، فيحدد القانون عقوباتها................". وكذلك المادة 71 التي تنص على:" ............. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون." في المقابل استمر حبس الصحفيين بتهمة (نشر أخبار كاذبة) وفقًا لمواد قانون العقوبات، وهو ما يتعارض مع حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير التي نص عليها الدستور.
في هذا أوصى المؤتمر العام السادس للصحافة المصرية، الذي عقدته نقابة الصحفيين بضرورة إصدار قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر والعلانية. وكانت لجنة الحريات والتشريعات بالمؤتمر العام السادس قد أعدت مشروع قانون كامل وذلك في إطار التنفيذ التشريعي الكامل لنصوص الدستور بحظر توقيع عقوبات سالبة للحرية .
كما أًصدرت لجنة الحريات والتشريعات بالمؤتمر العام السادس ورقة بعنوان "أولويات الإصلاح التشريعي لحرية الصحافة والصحفيين في مصر"، تضمنت العديد من المواد القانونية التي يجب مراجعتها وتعديلها لرفع حالة الحصار والتقييد التي تعيشها الصحافة المصرية.
تُعد حرية تداول المعلومات من أهم ركائز الصحافة الحرة والشفافة، حيث تُمكن الصحفيين من الوصول إلى المعلومات والبيانات الضرورية لعملهم الصحفي. لذلك، فإن تأخر إقرار قانون حرية تداول المعلومات يشكل تحديًا كبيرًا أمام الصحافة، ويؤثر بشكل مباشر على أداء الصحفيين والمجتمع ككل.
حتى كتابة هذا التقرير تعثر إصدار قانون حرية تداول المعلومات، وهو إلزام دستوري، رغم المناشدات والمطالبات والتوصيات التي خرجت من جهات عديدة من بينها الحوار الوطني ونقابة الصحفيين. ووفقا للمناشدات والمطالبات من المفترض أن يضمن القانون وصول الجميع للمعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق باعتبارها ملكا للشعب، والإتاحة بالتزام الدولة بتوفير تلك المعلومات والبيانات الرسمية وإتاحتها للجميع بشفافية.
وبغياب هذا القانون، يواجه الصحفيون صعوبات في محاسبة المسؤولين لصعوبة الحصول على الوثائق الرسمية أو البيانات المتعلقة بقرارات الحكومة أو إنفاقها. كما يؤدي غياب حرية تداول المعلومات إلى انتشار المعلومات الخاطئة أو المضللة ما يزيد من التحديات والصعوبات التي يواجهها الصحفيون. كما يزيد غياب هذا القانون من احتمالية تعرض المزيد من الصحفيين للملاحقات القانونية بتهم مختلفة من بينها نشر أخبار كاذبة.
الباب الرابع: قرارات المجلس الأعلى للإعلام والمشهد الإعلامي
اتخذ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، عددا من القرارات شملت إيقاف عدد من البرامج وفرض غرامات مالية عليها بالإضافة إلى غلق قناة تلفزيونية. بدعوى حماية السمعة الشخصية والحياة الخاصة.
قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وقف برنامج "تفاصيل" على قناة "صدى البلد" لمدة 3 أشهر، وتغريم القناة 100 ألف جنيه؛ بدعوى ارتكاب مخالفات تتعلق باستضافة أشخاص يروجون للإثارة والخوض في السمعة الشخصية. كما قرر المجلس وقف برنامج "صبايا" على قناة "هي" لمدة شهرين وغرامة 100 ألف جنيه، وإنذار القناة بعدم الاستمرار في تقديم محتوى يحرض على انتهاك الحياة الخاصة وتشويه صورة المجتمع. فضلًا عن ذلك قرر المجلس إغلاق قناة "الصحة والجمال" ومخاطبة مدينة الإنتاج الإعلامي لتنفيذ القرار لصدورها دون ترخيص بذلك.
وسبقت تلك القرارات قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بإيقاف برنامج "شاي بالياسمين" المذاع على قناة النهار الفضائية، لمدة 6 أشهر وغرامة بقيمة 200 ألف جنيه، بعد استضافة البرنامج للبلوجر "هدير عبد الرازق" التي تم التحقيق معها بتهمة نشر الفسق الفجور. لتخرج بعدها إدارة القناة ببيان اعتذار عن الحلقة، وإعلان حذفها من جميع المنصات، وفتح تحقيق مع مقدمة البرنامج "ياسمين الخطيب".
إن القرارات المتخذة بإيقاف البرامج وفرض غرامات وإغلاق القنوات تُعد شكلاً من أشكال تقييد حرية الصحافة والإعلام، وكان من الأولى بالمجلس العمل على تعزيز مبدأ الحرية المسؤولة للإعلام بتعميم ميثاق الشرف الإعلامي يضمن حماية الحقوق الفردية والحياة الخاصة وإلزام المؤسسات الإعلامية على احترامه، والالتزام بالمعايير الأخلاقية والقانونية.
كما كان يجب على المجلس الأعلى تنظيم الإعلام إلزام المؤسسات الإعلامية بتنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للمذيعين والصحفيين حول القوانين المتعلقة بخصوصية الأفراد وأخلاقيات الإعلام. لتطوير جودة المحتوى وتقديم إعلام يحترم المشاهد.
وكان يجب على المجلس أيضًا إصدار تحذيرات مبدئية مع تحديد الفترة الزمنية لتصحيح الأخطاء بدلاً من اللجوء الفوري إلى الإيقاف أو الغرامة. إذ تتيح هذه الخطوة للبرامج والقنوات فرصة لتعديل المحتوى أو تصحيح المعلومات الخاطئة، مما يعزز المسؤولية الإعلامية دون اللجوء إلى إجراءات تعسفية.
أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بعض القرارات بدعوى تنظيم وضبط أداء الإعلام الرياضي على أن يتم تطبيقها من أول يناير عام 2025، وجاءت كالتالي:
- تحديد مدة البرنامج الرياضى الحوارى بما لا تزيد عن 90 دقيقة.
- تحديد مدة الاستوديو التحليلى للمباريات - محلية أو دولية - بما لا يزيد عن ساعة تتوزع قبل وبعد المباراة.
- تلغى فقرة تحليل الأداء التحكيمى بجميع مسمياتها سواءً داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أى برنامج آخر والتي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية.
-لا يجوز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى الساعة السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة. (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية بمراعاة فروق التوقيت.
وفيما يخص البرامج الدينية، قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام منع جميع الإعلانات بأشكالها كافة خلال بث البرامج الدينية، ويسمح بذلك فقط قبل بداية بث البرنامج أو بعد نهايته، وحدد المجلس مدة البرنامج الديني لا تزيد على 30 دقيقة في القنوات والإذاعات المختلفة ولا تزيد على 45 دقيقة في القنوات والإذاعات الدينية المتخصصة، ويستثنى من هذا البند أصحاب الفضيلة والقداسة: (فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر. قداسة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. وزير الأوقاف. فضيلة مفتي الجمهورية.)
وعلى الرغم من أن الهدف المعلن من هذه القرارات هو تنظيم المحتوى وضبطه، إلا أنها قد تؤدي إلى تقليص مساحة النقاش الإعلامي، وتفتح الباب أمام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام للتدخل في البرامج التلفزيونية من حيث المحتوى، ومدة العرض، والفقرات المقدمة. هذا النوع من التدخل، الذي يبدو وكأنه يهدف إلى تحسين الأداء، يفتح الباب لمزيد من السيطرة على المشهد الإعلامي، بما يتعارض مع حرية الصحافة والإعلام.
الباب الخامس: التضييق على الصحفيين داخل مؤسساتهم
أزمات التوظيف وتدني الأجور
تواجه المؤسسات الصحفية المصرية منذ عدة سنوات أزمات متفاقمة على مستوى التوظيف والأجور، ما يؤثر بشكل مباشر على جودة العمل الصحفي واستقرار العاملين والعاملات في هذا المجال. ويعتبر تدني الأجور وتراجع فرص التوظيف من أكبر التحديات التي تواجه الصحفيين والصحفيات، خصوصاً مع حالة الاحتكار التي تشدها المهنة وتقويض حرية الصحافة من خلال عدد من التشريعات التي أُصدرت منذ العام 2018 وعلى رأسها قانون تنظيم الصحافة والإعلام ولائحة التراخيص التي وضعت الكثير من العراقيل أمام ترخيص المواقع الصحفية، فضلًا عن ظاهرة الحجب التي أثرت سلبًا على الوضع الاقتصادي للمواقع الصحفية الإلكترونية ما أدى إلى توجه بعضهم للتوقف عن النشر والإغلاق. يأتي هذا في ظل التحولات الاقتصادية التي شهدتها مصر والضغوط المالية التي تواجهها الصحافة الورقية والإعلام التقليدي بشكل عام.
خلال السنوات الأخيرة، تراجع دور الصحافة الورقية وتصاعد هيمنة الإعلام الرقمي، ما أدى إلى تقلص فرص العمل المتاحة للصحفيين. حيث لم تعد المؤسسات الصحفية الكبرى قادرة على استيعاب أعداد جديدة من الخريجين، مما خلق حالة من البطالة بين عدد كبير من الصحفيين والصحفيات.
كما تعاني المؤسسات الصحفية في مصر من ضعف هيكلي في الرواتب، إذ تُقدم أجورًا متدنية للصحفيين مقارنة بتكلفة الحياة المتزايدة. ما يشكل ضغطًا كبيرًا على العاملين في الصحافة، ويضطر البعض إلى في أكثر من مكان أو ترك المجال بالكامل.
ومع تدني الأجور وانعدام الاستقرار الوظيفي، يتأثر أداء الصحفيين وجودة العمل الصحفي سلبًا. نتيجة لغياب الحافز المادي والاستقرار، ما يجعل الصحفيين أقل قدرة على إنتاج قصص صحفية عالية الجودة التي تهم القارئ.
وعلى مدار عام 2024، عمدت نقابة الصحفيين إلى تطبيق الحد الأدنى للأجور في المؤسسات الصحفية، وأطلق نقيب الصحفيين خالد البلشي، حملة "أجر عادل للصحفيين" على هامش التحضير للمؤتمر العام السادس للصحفيين الذي عُقد في ديسمبر الماضي، واستهدفت الحملة العمل على رفع قيمة أجور الصحفيين تمهيدًا للوصول لائحة أجور عادلة لكل الصحفيين، وكذلك رفع قيمة العقد النقابى بما يتناسب مع الحد الأدنى للأجور فى مصر المعلن من الرئيس ضمن حزمة الإجراءات الاجتماعية الأخيرة مع مراعاة الدرجات المالية المختلفة.
وكان نقيب الصحفيين قد خاطب المجلس القومى للأجور لإعادة النظر فى الحد الأدنى للأجور المطبق على القطاع الخاص، ورفع قيمته من 3500 جنيه إلى 6 آلاف جنيه، التى تم الإعلان عنها من قبل رئيس الجمهورية في منتصف عام 2024، ضمن إجراءات الحزمة الاجتماعية الأخيرة بما يضمن تطبيقه على جميع المؤسسات الصحفية.
الاحتجاجات والاعتصامات داخل الصحف
شهدت مؤسسات صحفية احتجاجات واعتصامات نظمها الصحفيون، تعبيرًا عن رفضهم للتنكيل الذي يتعرضون له داخل أماكن عملهم. هذه الاحتجاجات تركز بشكل أساسي على قضايا تتعلق بتدني الأجور وتأخر الرواتب، رفض توقيع العقود الرسمية وغيرها من الأزمات.
في نوفمبر الماضي، اعتصم عدد من الصحفيين والصحفيات بجريدة "العمال" التابعة لاتحاد عمال مصر في مقر الجريدة بالاتحاد، وذلك بعد تراجع القائمين على الاتحاد عن وعودهم بحل أزمة التعسف بأكثر من 25 صحفيًا وصحفية من ضمن قوة عمل الجريدة، التي لا تتعدى 45 صحفيًا، وذلك كان ردًا على تقديمهم شكوى للنقابة، بشأن التنكيل بهم من إدارة الجريدة. وانهى الصحفيون اعتصامهم بعد تدخل مجلس نقابة الصحفيين برئاسة النقيب خالد البلشي لحل أزمتهم ووقف التنكيل بهم.
في يونيو 2024، اعتصم عدد من صحفيي جريدة الوفد "دفعة تعيينات 2023″، لحين استلام العقود، تمهيدًا لتسليمها لنقابة الصحفيين. وذلك بعد إصدار إدارة الجريدة والحزب، قرارًا بالتعيين 1 يونيو 2023، واكتشف الزملاء أن العقود تحتاج إلى توقيع آخر من أجل قبولها بنقابة الصحفيين.
وشهدت جريدة الوفد سلسلة من الاحتجاجات، ردًا على سياسة التنكيل التي تتبعها الإدارة مع الصحفيين والصحفيات في الجريدة والتي تتضمن تعيين الصحفيين الجدد بمبالغ زهيدة بالمخالفة للقانون، بالإضافة إلى حرمانهم من أي زيادات وتهديد المراسلين بحرمانهم من الراتب وانذارهم بالفصل والتنكيل بهم.
الباب السادس: أزمات نقابة الصحفيين والمشهد النقابي
اندلعت أزمة بين مجلس نقابة الصحفيين و46 صحفي وصحفية حاصلين على أحكام لجنة القيد في جدول تحت التمرين والانتساب، وبدأت الأزمة في 12 مايو 2024. إذ تقدم عددًا من الصحفيين والصحفيات، إلى محكمة الاستئناف للحصول على حكم يقضي بقيدهم في جداول النقابة، وقدم الصحفيون والصحفيات الصيغة التنفيذية للحكم إلى مجلس النقابة، وحتى كتابة هذا التقرير لم تنفذ تلك الأحكام، وهو ما أثار استياء الصحفيين والصحفيات الحاصلين على الأحكام.
في المقابل حرر الحاصلين والحاصلات على أحكام القيد الاستئنافي إنذارات رسمية وتقديمها إلى النقابة من خلال محضر رسمي، مطالبين بتنفيذ الأحكام القضائية، وهو ما لم يحدث حتى كتابة هذا التقرير.
في يوليو 2024، طالب صحفيو المواقع الإلكترونية بالقيد إلى جدول المشتغلين بنقابة الصحفيين، وهو ما أكد عليه نقيب الصحفيين، خالد البلشي، باعتباره حقًا مشروعًا لهم. وفي سبتمبر الماضي، قررت نقابة الصحفيين فتح نقاش حول مشكلات القيد في جداول النقابة، بما في ذلك إدراج صحفيي المواقع الإلكترونية، إلا أن القرار آثار جدلًا كبيرًا بين أعضاء الجمعية العمومية، والتي تقدر عددها بــ 13 ألف عضوًا.
وقرر مجلس نقابة الصحفيين في أكتوبر الماضي، تفعيل المادة 12 من قانون النقابة لعام 1970، وفتح طلبات القيد بجدول المنتسبين. كما تم تشكيل لجنة لوضع لائحة لضمان تقديم الحماية النقابية للصحفيين الحقيقيين ومنع منتحلي الصفة. لكن الإعلان عن القرار أثار انقسامًا بين الصحفيين؛ إذ أيد البعض القرار من منطلق مد المظلة النقابية للصحفيين الإلكترونيين، عارضه آخرون داخل الجمعية العمومية، معتبرين أنه سيكون بابًا خلفيًا لغير الصحفيين.
يُعرِّف قانون نقابة الصحفيين رقم 76 لسنة 1970 الصحفي المشتغل المستحق للقيد بالنقابة بأنه "الشخص الذي يمارس مهنة الصحافة بشكل أساسي ومنتظم في صحيفة يومية أو دورية تُطبع في الجمهورية العربية المتحدة أو وكالة أنباء مصرية أو أجنبية، ويتقاضى أجرًا ثابتًا عن عمله، بشرط ألا يمارس مهنة أخرى".
ويرجع رفض بعض من أعضاء الجمعية العمومية لهذا القرار إلى عدة اعتبارات أبرزها، تراجع معايير القيد التي التزمت بها النقابة منذ عقود، وهو الأمر الذي نفاه نقيب الصحفيين خالد البلشي، إذ صرح أن هذا القرار لم يتم تفعليه إلا بوضع قواعد منظمة تغلق الباب أمام منتحلي الصفة. هناك أيضًا مخاوف اقتصادية، إذ يخشى بعض من أعضاء الجمعية العمومية من أن يؤدي انضمام صحفيي المواقع الإلكترونية إلى زيادة الضغط على الخدمات المقدمة لأعضاء النقابة، مثل الرعاية الصحية والمعاشات، دون زيادة في الموارد المالية للنقابة، مما قد يؤثر على استفادتهم من هذه الخدمات.
ويتيح الحصول على عضوية النقابة من خلال جدول الانتساب، التدريب في النقابة وفقًا لقواعد التدريب المعمول بها، والحصول على بعض الميزات مثل الاستفادة من مشروع العلاج بأسعار النقابة، فضلًا عن مد المظلة النقابة من خلال الحصول على كارنية نقابة الصحفيين، والذي يعتبر بمثابة اعتراف رسمي بهؤلاء حتى لا يتم اتهامهم بمنتحلي الصفة وفقًا لقانون نقابة الصحفيين.
ويرى المدافعون عن القرار أنه يمثل ضرورة ملحة في ظل التغيرات الكبيرة التي يشهدها الإعلام، حيث أصبحت المواقع الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من صناعة الصحافة. وأن استبعاد العاملين في هذه المنصات من عضوية النقابة يعني تجاهل تطور المهنة واستمرار الانفصال بين الصحافة التقليدية والإلكترونية.
لسنوات طويلة يعمل صحفيون وصحفيات داخل المؤسسات الصحفية دون الحصول على تعيين رسمي، وهو ما يحرمهم من العديد من الحقوق الأساسية، مثل التمتع بالتأمينات الاجتماعية والصحية، واستقرار الدخل، وضمان الحماية الوظيفية. ويعاني هؤلاء من عدم الاستقرار المهني، حيث يتعرضون دائمًا لخطر إنهاء خدماتهم بشكل مفاجئ. كما أن عدم حصولهم على راتب ثابت أو ضمانات وظيفية يزيد من الضغوط الاقتصادية عليهم. بالإضافة إلى حرمانهم من الانضمام إلى نقابة الصحفيين، مما يحرمهم من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها النقابة.
وخلال عام 2024، عمل نقيب الصحفيين خالد البلشي على التواصل مع الجهات المعنية لحل أزمة الصحفيين المؤقتين. ففي أغسطس الماضي، أعلنت نقابة الصحفيين عن التوصل إلى اتفاق مع الهيئة الوطنية للصحافة بفتح الباب لتعيين المؤقتين من صحفيين وإداريين وعمال من خلال تعيين دفعات شهرية وفق ضوابط يتم الاتفاق عليها بين الهيئة والنقابة وذلك اعتباراً من شهر سبتمبر الماضي، وهو ما لم يحدث حتى كتابة هذا التقرير. الأمر الذي دفع الصحفيون المؤقتون إلى مناشدة الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن تعيينهم في بداية العام الجديد 2025.
الخاتمة والتوصيات
في ظل ما جاء في التقرير من ممارسات مقيدة لحرية الرأي والتعبير والصحافة في مصر، فضلًا عن الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون والصحفيات داخل المؤسسات الصحفية، يتضح أن الصحافة تواجه تحديات كبيرة تهدد قدرتها على العمل بأمان.
هذه الانتهاكات لا تمثل تهديدًا لحرية الصحافة وحسب، بل تؤثر أيضًا بشكل مباشر على مناخ الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد. وعلى الرغم من بعض الخطوات الإيجابية كالإفراج عن عدد من الصحفيين، فإن استمرار احتجاز آخرين لفترات تتجاوز الحد القانوني، إضافة إلى القوانين المقيدة وحجب المواقع الصحفية المستقلة، يعكس ضرورة التدخل العاجل لإصلاح هذه الأوضاع من خلال تعديلات تشريعية عاجلة، وإقرار تشريعات لدعم العمل الصحفي، مثل قانون منع الحبس في قضايا النشر، وقانون حرية تداول المعلومات.
كذلك، تبرز الأزمات داخل نقابة الصحفيين، المتعلقة بتعيين الصحفيين المؤقتين و الإلكترونيين، وتأخر تنفيذ أحكام القيد، أهمية اتخاذ خطوات جادة لضمان حماية حقوق الصحفيين وتحسين أوضاعهم المهنية والاقتصادية. إذ أن إهمال هذه الأزمات واستمرارها قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في أوضاع الصحافة والصحفيين.
وختامًا فإن دعم الصحافة وحماية حقوق وحريات الصحفيين تتطلب جهودًا مشتركة من الحكومة، المجتمع المدني، والنقابة لضمان حرية التعبير وتعزيز دور الصحافة في المجتمع المصري. ولذا نوصي بالآتي:
الحكومة المصرية
المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
للسلطة التشريعية:
نقابة الصحفيين
المركز الاقليمى للحقوق و الحريات هى مؤسسة قانونية مصرية تأسست وفقا للاحكام القانون فى يناير 2016 على يد مجموعة من نشطاء حقوق الانسان الشباب حيث تضم مجموعة من المحامين و الباحثين و يعملون من اجل الدفاع عن حقوق الانسان فى مصر و الاقليم و الذين يتخذون من مبادئ حقوق الانسان مرجعا و من العمل السلمى منهجا لضمان حرية الفرد و كرامته . يسعى المركز للوصول إلى مجتمع منفتح وعادل يتيح حرية البحث عن المعلومات وخلق الأفكار وتلقيها والتعبير عنها وتبادلها مع الآخرين دون خوف أو تدخل ظالم من الدولة وذلك بتمكين أفراد المجتمع ومساعدتهم في الحصول على حقوقهم والتمتع بحرياتهم بتمثيل احتياجاتهم أمام الجهات المسؤولة والتأكيد على ضرورة الالتزام بحقوق الانسان وسيادة القانون.
روابط سريعة
ابق على اطلاع!